تدخل، وزارة الداخلية مساء الجمعة، ممثل سلطات الوصاية لتهدئة مستشاري مجلس الجهة الغاضبين إثر عرقلة مشاريع سبق لمجلسهم أن برمجها واتهموا «مؤسسة الوالي» بعرقلتها، قبل أن ترفع الجلسة وتؤجل مناقشة النقط الخمس التي كانت مدرجة في جدول الأعمال، لتُرجأ دورة شهر ماي إلى موعد لاحق. وأبدى مستشارون بمجلس جهة الدارالبيضاء حنقهم الشديد من مسؤولي ولاية الدارالبيضاء، مشيرين إلى أن معاذ الجامعي، العامل الكاتب العام لولاية الدارالبيضاء الكبرى، القادم إلى منصبه من المركز الجهوي للاستثمار بالمدينة، هو نفسه الذي يقف حجر عثرة في وجه مشاريع ذات طابع اجتماعي سبق لمجلس الجهة أن برمجها. وأعرب مستشارون عن اندهاشهم من صرف مبالغ مالية كبيرة لتمويل «مهرجان الدارالبيضاء»، ضمنها 400 مليون درهم من ميزانية مجلس الجهة، في الوقت الذي توجد فيه شريحة عريضة من سكان المدينة في وضع اجتماعي هش يستدعي تخصيص مساعدات مالية للمحتاجين وبناء مراكز اجتماعية بدل تنظيم مهرجان لتبذير المال العام. وقال حسن أقشيش، عضو مجلس الجهة وممثل مقاطعة ابن امسيك بالبيضاء، إن مستشارين يعتزمون إرسال عريضة تحمل توقيعاتهم في غضون الأيام المقبلة إلى السلطات العليا لرصد ما أسماه بسلسلة العراقيل التي يفتعلها الكاتب العام للولاية للحيلولة دون تنفيذ مشاريع ذات طابع اجتماعي سبق للمجالس المنتخبة أن برمجتها وخصصت لها الاعتمادات المالية اللازمة. مضيفا أن العريضة التي شرع في توقيعها تحمل تظلمات وستعمم على 110 مستشارين بالمجلس في انتظار بعثها إلى السلطات العليا. وقال سعيد التدلاوي، نائب رئيس جهة الدارالبيضاء، مخاطبا زملاءه المستشارين: «ليس لنا مشكل شخصي مع السيد الوالي، الرجل طيب ويريد أن يشتغل، لكن المحيطين به هم الذين يعرقلون المشاريع ويسعون إلى تعطيل عجلة النمو في العاصمة الاقتصادية». واتهم مستشارون مسؤولين بالولاية، دون أن يحددوا أسماءهم، بخيانة الثقة التي وضعت فيهم وبعرقلة مشاريع ذات طابع اجتماعي، وذهب مستشارون آخرون إلى مهاجمة رئاسة المجلس كذلك، وقالوا إنها تكتفي بمحاباة سلطات الوصاية لأغراض انتخابية، وغالبا ما تقوم الرئاسة بالتراجع عن تنفيذ مقررات سابقة للمجلس، في حالة ما إذا أبدت سلطات الوصاية معارضة لهذه المشاريع. ومن المشاريع التي أثارت غضب مستشارين مساندين لمكتب مجلس جهة الدارالبيضاء مشروع تأهيل المجازين العاطلين، وهو المشروع الذي سبق لمكتب المجلس أن خصص له مبلغ 3 ملايين درهم وأبرمت حوله اتفاقيات شراكة مع جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء والمحمدية ومكتب التكوين المهني ولم يحظ بموافقة سلطات الوصاية. وقال المستشار عبد الرحمن بن يحيى، من فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن «مؤسسة الوالي» تفرمل مشاريع كثيرة، ضمنها مقرر لمجلس الجهة صودق عليه منذ مدة لإنشاء «مرصد الدراسات الاستراتيجية ليكون عبارة عن بنك معطيات، يضم كل المعلومات المتعلقة بجهة الدارالبيضاء الكبرى وتوضع وثائقه رهن إشارة الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين ورجال الإعلام وكل باحث عن المعلومات التي تخص العاصمة الاقتصادية للمملكة. وتحولت أشغال الدورة العادية لشهر ماي، المنعقدة مساء يوم الجمعة الماضي بقاعة الاجتماعات بمقر ولاية جهة الدارالبيضاء الكبرى، إلى محاكمة رمزية ل«مؤسسة الوالي» ولبعض عمال المقاطعات ممن اتهمهم المستشارون بعرقلة مشاريع كثيرة سبق للمجلس أن برمجها وخصص لها اعتمادات مالية كبيرة. ونقل المستشار عبد الرحمن بن يحيى عن الوالي محمد القباج جوابه للمستشارين المطالبين، في دورة الحساب الإداري، بتفعيل مشروع تأهيل المجازين العاطلين بالقول: «هذا المشروع لا يعجبني ولن أصادق عليه، ولدينا مشاريع حكومية لتأهيل اليد العاملة وتكوين المهندسين»، وهو الأمر الذي اعتبره المستشار الاتحادي استخفافا كبيرا بمقررات مجلس الجهة، وأردف مخاطبا زملاءه الحاضرين في قاعة الاجتماعات بمقر الولاية: «نحن كفريق اتحادي لن نزكي العبث ونأسف على عدم وجود مصداقية للمؤسسات المنتخبة لدى المواطنين». وأعرب مستشارون عن اعتقادهم بأن عدم تفعيل قرارات سبق أن صادق عليها مجلس الجهة يضعف من المؤسسات المنتخبة ويجعلها مجرد مؤسسة شكلية تابعة بشكل ذيلي لسلطات الوصاية. وقال مستشار إن عدم ذهاب الناخبين إلى صناديق الاقتراع في انتخابات سابع نونبر الماضي ليس مرده إلى الرغبة في عدم التصويت بل إلى فقدان الثقة في المؤسسات المنتخبة، سواء كانت برلمانا أو مجلسا للجماعة أو الجهة. وحاول العامل بوشعيب فوقار، ممثل سلطات الوصاية الذي كان ينوب عن الوالي محمد القباج، أن يخفف من حدة غضب المستشارين الحانقين جراء تعطيل مشاريع سبقت برمجتها وما تزال معطلة، مضيفا أن 40 في المائة من المشاريع التي لم تخرج إلى حيز الوجود ترتبط بوجود مشاكل مرتبطة بالعقار أساسا. وأعرب فوقار عن اعتقاده بأن اتهام السلطة باحتقار المنتخبين لا ينسجم مع المفهوم الجديد للسلطة الذي أقره الملك، وزاد قائلا: «أنا أَقْدم مسؤول ترابي في وزارة الداخلية والوحيد في المغرب الذي قضى زمنا طويلا في الخدمة، وما ثبت يوما أنني احتقرت منتخبا أو عرقلت مشروعا بوصفي عاملا، بالعكس هناك مشاريع تبرمجها المجالس المنتخبة، لكن عند التنفيذ نجد مشاكل مرتبطة بالعقار، فإما أن الأرض غير موجودة أو ليست هناك حيازة للعقار أو هناك نزاع حوله، معروض على أنظار القضاء». وتمكن ممثل سلطات الوصاية من تهدئة المستشارين الغاضبين واستعرض أمامهم الإكراهات الإدارية والتنظيمية المطروحة في وجه عمال الملك في المقاطعات التابعة لولاية الدارالبيضاء، ضمنها العراقيل التي ظهرت مع اعتماد وحدة المدينة، وتساءل عن مدى فعالية نظام الوحدة وتجميع المقاطعات في إطار «مجلس المدينة»، وزاد قائلا: «لا حق لي كعامل في التصرف في أمور عديدة في إطار نظام وحدة المدينة، هناك مشاكل قانونية وأخرى مرتبطة بإكراهات السلطة، ربما ستقولون من الذي دفع بنا إلى تجميع المدينة في إطار «وحدة»، أقول لكم أنتم الذين سبق لكم أن طالبتم بالتجميع». وتمكن العامل فوقار من حصد تصفيقات المستشارين الغاضبين قبل أن ترفع الجلسة وتؤجل أشغال دورة ماي لمجلس جهة الدارالبيضاء الكبرى إلى موعد لاحق. يشار إلى أن جدول أعمال دورة ماي المبرمجة يوم الجمعة الماضي كان يتضمن خمس نقط تهم المصادقة على محضر الدورة العادية لشهر يناير 2008، و الدراسة والمصادقة على تحويلات بميزانية التسيير وإعادة برمجة اعتمادات بميزانية التجهيز، إضافة إلى الدراسة والمصادقة على مشروع البرمجة لسنة 2008، والمصادقة على اتفاقية إحداث سلطة منظمة للتنقلات الحضرية بجهة الدارالبيضاء الكبرى، ودراسة اتفاقية شراكة حول بناء محطة القطار بجماعة بوسكورة.