نظم في الأسبوع الماضي لقاء «لا كوبول» بحديقة الجامعة العربية، والذي قدم خلاله برنامج إعادة تأهيل المدينة القديمة بالدار البيضاء، هذا البرنامج الذي هو ثمرة مجهود قرابة 50 متطوعا من الأطر من مختلف القطاعات والمجتمع المدني، وهو فريق ترأس أعماله عامل مقاطعات أنفا شخصيا ، وواكب أشغاله رئيس مقاطعة سيدي بليوط. خلال هذا اللقاء ، وفي معرض كلمته، قال كمال الديساوي إنه في بداية مشواره كمسؤول عن المقاطعة، و في لقاء جمعه مع والي الجهة، عبر الأخير عن مدى سهولة تزفيت شارع إذا توفرت الميزانية بخلاف الاشكاليات الكبرى لتأهيل المدينة القديمة، التي تتشابك فيها المشاكل الاجتماعية مع الاقتصادية، زيادة على مشاكل التشغيل والأمن والشباب، إضافة الى غياب البنيات الاجتماعية والبنيات التحتية. ولعل الجواب، يقول الديساوي، جاء من عمالة مقاطعات أنفا، ومقاطعة سيدي بليوط بحيث إن العامل خالد سفير حشد المتطوعين الذين اشتغلوا لشهور طويلة بصفر ريال، ولكن بمنهجية علمية دقيقة، وكان إنتاجهم مشهودا به، بعد التشخيص الدقيق أعطى برنامج عمل بميزانية وتوقيت محددين! الأكيد أن الحاضرين وهم يتصفحون الكتيب الذي يتضمن خطة التأهيل، خُيل لهم أنه نتاج عمل مكتب للدراسات أو مؤسسة متخصصة، صرف من أجلها الملايين من الدراهم لإنجاز تلك الخطة، لأنهم تعودوا على «منهجية» مجلس المدينة الذي يسير «العاصمة الاقتصادية» بدون بوصلة رغم الملايير التي صرفها على مكاتب الدراسات بعد تهميشه للأطر والكفاءات من موظفي الجماعة واستغنائه عن آراء المنتخبين وأعمال اللجن.. لتعم الفوضى دوراته، ويكون الخاسر الكبير هو مدينة الدار البيضاء وسكانها ، حيث تعطلت المشاريع الكبرى رغم تمويل الدراسات ووجود الميزانيات، وعمت الأزبال شوارع وأزقة المدينة رغم الملايير التي تصرف في إطار التدبير المفوض، وأصبحت الأزقة البيضاوية «عمشاء» ليلا بفعل إنارة عمومية دون المستوى في غياب الصيانة اللازمة والاعتماد على مصابيح «الشينوا»! مدينة أصبحت حديقة جامعتها العربية ملاذا ل «الشمكارة» بعد أن كانت فضاء إيكولوجيا ومتنزها للبيضاويين.. و.. و«لاكازا بلانكيز» صورة عن الحالة المقلقة والمتدهورة التي أضحت عليها المدينة. أما شارع محمد الخامس، «قلب المدينة»، فحدث ولا حرج.. وحكاية المحج الملكي هي حكاية سنعود لها لاحقا. المثال إذن يأتينا من عمالة مقاطعات أنفا ومقاطعة سيدي بليوط ومجتمعها المدني ممثلا في تلك الأمسية في جمعية «الدارالبيضاء كاريان سانطرال» حيث التقت إرادة السلطات المحلية والمنتخبين والمجتمع المدني فتجسدت النتيجة في «برنامج تأهيل المدينة القديمة» ، برنامج دقيق واستعجالي لم تكلف الدراسة بشأنه درهما واحدا للدولة، بقي أن تعبأ ميزانيات مجلس الجهة والمدينة والعمالة والقطاعات الوزارية المحلية لترجمته على أرض الواقع ، لأنه برنامج ضروري لتهيئ «المدينة القديمة» وسكانها للتحولات التي ستعرفها المنطقة بتواجد «لامارينا» ومشاريع أخرى.