اعترف مؤخراً الوزير احجيرة ، أمام أعضاء الغرفة الثانية، بأن نسبة 24% من مدن القصدير بالدارالبيضاء لن يتم القضاء عليها بصفة نهائية بسبب انعدام الوعاء العقاري، وبسبب مشكل وثيقة التعمير. وهو تصريح مخالف تماماً للوعد الذي قدمه خلال لقائه مع بعض وسائل الاعلام قبل سنتين برفقة الوالي السابق القباج، حين أكد بأن هناك مخططاً لن يتعدى 2013، ستتم من خلاله إزالة آخر «براكة» بالعاصمة الاقتصادية! يعلم المتتبعون للشأن البيضاوي أن معضلة مدن القصدير لا يمكن أن تحل بسهولة، من جهة، لأن معظم هذه الأحياء، باستثناء اثنين أو ثلاثة، كانت هي الخزان الذي تعتمد عليه السلطة ، أيام الداخلية القديمة، للتحكم في الانتخابات ومحاربة صعود اليسار إلى المجالس، وبالتالي كلما زاد عددها، كلما كان ولوج المجالس متحكما فيه، لذلك سهلت عملية الاستقرار بواسطة براكة في أراضي الدارالبيضاء، حتى وإن كانت تلك الأراضي في ملكية مواطنين. مقابل ذلك، كان يسمح بتفريخ براريك، بل أحياء صفيحية أخرى. من جهة ثانية، طيلة سنوات، أصبحت البراريك تجارة مربحة بالنسبة لبعض أفراد السلطة، وبالتالي، فإن عملية محاربتها، كانت تجد المجابهة من طرف هؤلاء في السر، وفي العلن، كما كان بعض المنتخبين ، إلى حدود الزمن القريب ، من مشجعي التفريخ القصديري، أي الخزان الانتخابي الذي سيضمن استمراريتهم في المجالس، بدليل أن غالبية من تحكموا في دواليب التسيير بالمدينة ليسوا من أبنائها. فعلى مر السنوات، لم يتبوأ أي حداوي أو هراوي أو مديوني أو زياني.. منصب المسؤولية الفعلية بها! من جهة ثالثة، كان لوبي العقار الذي أجهز على الأرض، متربصاً بالعملية للوصول إلى منصب التحكم في دواليب المدينة، وكانت عملية البناء عملة لوجهين، الأولى هي الربح المالي طبعاً، والثانية هي استقدام «جيوش» حرفيي البناء للعمل لديهم وللتصويت في الانتخابات، إذ كانت توزع عليهم البطائق الانتخابية «بتواطؤ» بين هذا اللوبي وبعض أفراد السلطة، وبحكم الحاجة إلى العمل، كانت هذه الفئة لا تبرح الدارالبيضاء، وبالتالي التجأت إلى الأبنية العشوائية التي انتعشت كثيراً من أجل الاستقرار، لترث الدارالبيضاء، آلاف الفقراء ومئات الأبنية العشوائية والقصديرية المهيكلة جداً، والتي يصعب محوها في ظرف 10 سنوات أو حتى 20 سنة. اللوبي المصالحي الذي خلق هذه المعضلة، ظل متحكماً في دواليب المدينة، ولم يقدم ولو مساعدة واحدة للدولة كي تنهي هذه المأساة وتوفر العيش الكريم لقاطني هذه الأحياء، بل يحاول ، في كل مناسبة، خلق العراقيل من خلال عدة طرق أبرزها وضع اليد على العقار ورفع أثمنة الأرض التي تريد الدولة اقتناءها لإعادة إسكان قاطني مدن القصدير والأبنية العشوائية، وبالتالي جعل مخططات الحكومة مجازفة وتحدياً مستحيلا، على الأقل إلى حدود الآن!