اعترف فيصل بنجلون، رئيس الغرفة الوطنية للموثقين المغاربة، بأن الطلب على العقار بالمغرب تراجع خلال الأشهر القليلة الماضية، عازيا ذلك إلى حالة التردد التي سادت في السوق من طرف الراغبين في امتلاك سكن لهم، نتيجة الارتفاع المهول الذي عرفه سعر العقار خلال السنتين الماضيتين وعدم قدرة الطبقتين المتوسطة والفقيرة على امتلاك سكنها الرئيسي أو الثانوي، وترقب الإفراج عن مشاريع المدن الجديدة خصوصا بضواحي الدارالبيضاء مثل «الخيايطة» و«زناتة» و«الهراويين» أو الرباطكالمدينةالجديدة ب«عكراش». وحدد بنجلون ثلاثة مشاكل أساسية يتخبط فيها العقار بالمغرب وتعيق الاستثمار به، يأتي في مقدمتها «النوار» والذي له انعكاس مباشر على خزينة الدولة بتهرب المنعش العقاري والمشتري من أداء ما بذمتهما من ضرائب تجاه الدولة، بالإضافة إلى أن الأسر الفقيرة تزداد تهميشا من جراء هذه الآفة لعدم قدرتها على سداد ثمن العقار مضافا إليه «النوار»، مما سينعكس سلبا على السلم الاجتماعي بالمغرب. وقال بنجلون إن الدولة عجزت تماما عن محاربة «النوار» الذي يكاد يصبح عرفا معمولا به بشكل عادي بين الناس، مشيرا إلى أن التدابير المزمع اتخاذها من طرف وزارات الإسكان والمالية والعدل لتقنين قطاع العقار ومحاربة «النوار» بواسطة «حق الشفعة» تمثل حلا صائبا، شريطة تفعيلها بشكل سليم دون أن تبقى مجرد حبر على ورق كما هو الحال بالنسبة إلى عدة قوانين لم تفعل منذ إرسائها. ورأى بن جلون في تبييض الأموال سلوكا يتضرر منه قطاع العقار في المغرب، حيث يبقى دور الدولة جد فعال في هذا الإطار، خصوصا السلطات المالية التي لها كل الإمكانيات لتضمن سوقا عقارية بأموال غير وسخة، كما تمنى بنجلون أن يوقع جميع المتدخلين في القطاع، من منعشين عقاريين وإدارة ضريبية وموثقين وأبناك...، على ميثاق شرف يضمن لقطاع العقار بالمغرب نموه على أسس متينة دون الوقوع في أخطاء قد تؤدي إلى ركوده كما هو الحال عند الجارة الإسبانية أو الولاياتالمتحدةالأمريكية التي انخفضت قيمة العقارات بها إلى درجة وجود وصلات إشهارية تشبه، إلى حد كبير، تلك التي تحث على شراء عقارين بثمن عقار واحد. وأضاف بنجلون أن المشكل الثالث للقطاع يكمن في ارتفاع التكاليف الضريبية عند بيع أي عقار، مما ينتج عنه عدم التصريح بالقيمة الحقيقية للعقار، وبالتالي ممارسة الطرفين (البائع والمشتري) للنوار، مشيرا إلى أن الضرائب المفروضة عند شراء العقار تعتبر من النسب الأكثر انخفاضا مقارنة بالدول المجاورة كإسبانيا وفرنسا، لكن المشكل يطرح بالنسبة إلى الضرائب المفروضة عند بيع العقار حيث النسبة المخصومة مرتفعة جدا، مما يشجع على «النوار» واقترح أن يتم تحيين مثل هذه الجبايات وتخفيضها كل 6 أشهر، مما يجعل المواطن غير متخوف من الضرائب. وأكد فيصل بنجلون، الذي كان يتحدث في ندوة «الاستثمار في العقار بالمغرب» التي نظمتها شركة «موروكو سوتبيز أنترناسيونال ريالتي» يوم الخميس الماضي بالدارالبيضاء، أننا لا نعيش الآن أزمة عقار بالمغرب، لكننا نعيش مرحلة تساؤلات من قبيل: هل سيعرف سعر العقار انخفاضا أم لا؟ ورأى بنجلون أن العقار لن يعرف انخفاضا على الأقل في الأشهر القليلة المقبلة مادام الطلب موجوداً على العقار بالسوق، رغم انحساره مؤخرا نتيجة تردد الكثيرين في الشراء، وأمام قلة العرض باستثناء الشقق والفيلات الفاخرة التي نما سوقها بشكل جنوني في الأشهر الأخيرة، وقال إن مدينة كالدارالبيضاء انعدمت فيها الأراضي القابلة للبناء، ويعود تصميم التهيئة الحضرية للمدينة إلى سنة 1949، مع العلم أن أي تصميم تنتهي مدة صلاحيته بعد 10 سنوات، وبالمقابل نجد سلطات المدينة تتفرج على الوضع، مما حدا بالعديد من المنعشين البيضاويين إلى الانتقال إلى مراكش للاستثمار هناك. ومن جانبه، أكد سيديريك برودو، مدير شركة «موروكو سوتبيز أنترناسيونال ريالتي»، صاحبة المشروع، أن القضاء على ثقافة الرشوة بالمغرب والسبيل الأنجع لمحو آفة «النوار» التي تنخر سوق العقار بالمملكة، وأضاف أنه فوجىء، خلال مقامه بالمغرب، حين لاحظ أن جميع المعاملات المالية تقريبا تتم بواسطة النقود، في حين أن الدول الغربية على الخصوص تتم المعاملات بها بواسطة بطائق الائتمان مما يجعل مراقبة الدولة حاضرة، وهو حل يراه «سيديريك» جيدا كذلك لمراقبة تبييض الأموال و«النوار» بالمغرب، داعيا المسؤولين عن العقار بالمغرب إلى دراسة النموذج الإسباني في مجال العقار والاستفادة من الطفرة التي عرفها خلال سنوات مع عدم تكرار الأخطاء التي وقع فيها خصوصا في الأشهر الأخيرة.