اعتبر المشيعون ، أن محمد عابد الجابري، كان معلمة بارزة ومضيئة، بكل المقاييس في تاريخ المغرب الحديث، منها إنجازاته الهامة في مجال البحث والإبداع الفلسفي والتاريخي و مساهمته أيضا في الحقل الوطني والنضال في صفوف الحركة التقدمية، وعلى رأسها الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مذكرين بدوره الأساسي في تحديث الفكر الاتحادي في مجال الاشتراكية العلمية، وانخراطه في تحمل المسؤولية الأساسية في قيادة الحزب إلى جانب عبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي على الخصوص. ومساهمته كانت أساسية كذلك في الفترة الموالية، وحتى بداية الثمانينيات، حيث أصبح متعذرا عليه أن يزاوج بين تحمل المسؤولية في الميدان السياسي، وما تتطلبه منه أعماله الفكرية التي كان بصدد إتمام الأجزاء الأساسية فيها. في حين اعتبر محمد الحبيب الشرقاوي رحيله خسارة كبيرة للحزب والبلاد. بنسعيد آيت يدر ، بدوره، اعتبر رحيل عابد الجابري ، بمثابة فقدان أحد الرموز الفكرية والمثقفة، الذي ارتبط خلال مساره الحياتي والفكري بالصراع الملتزم، سواء داخل الحركة السياسية أو الثقافية، كما لعب دوراً أساسياً في الحقل الفلسفي، بالخصوص في مجال تحديث التاريخ العربي وآخرها كتاباته حول التشريع الاسلامي.. واصف منصور، من جهته، شدد على أن الراحل كان رمزاً للفكر العربي المتنور، الفكر الذي قرأ التاريخ ويحاول صنع المستقبل. قرأ التاريخ لا ليعيش فيه، ولكن ليستنبط منه، وأراد أن يبني المستقبل، انطلاقاً من فكر عربي أصيل. فكر إنساني متفتح، فكر معادٍ للتزمت، معادٍ للعنصرية، والقمع.. فبالتالي العابد.. فقدانه في هذا الظرف بالذات، خسارة و«خْصَارَة»، لا يمكن أن تعوض، لأننا نحن في وقت بحاجة إلى أن نعيد النظر في أوضاعنا ككل، وأن نعيد النظر في أفكارنا، وتوجهاتنا الثقافية والإنسانية والفكرية، حتى نستطيع أن نأخذ مكاناً نستحقه فوق الأرض.. في حين،ركزت ثريا جبران، على قيمة الراحل الوطنية واعتبارها له من أهم الرموز التي أعطت الكثير لهذا الوطن. خالد الناصري، من جهته، ذكر بصفات الراحل التي ربطت اسمه بالمزاوجة بين التزامين أساسيين كبيرين، وهما: الإلتزام النظري والفلسفي الذي سمح له بأن يتبوأ مكانة أساسية، والتزامه النضالي كرجل لم يقم جدارا صينيا بين الفكر والممارسة، سيجعل اسمه مرتبطا بمعركة المغرب الكبير من أجل العدالة الاجتماعية، ومن أجل طي صفحات العقم السياسي والانخراط بإقدام وإصرار من أجل بناء مغرب الديمقراطية الذي آمن به. عبد الإله بنكيران ، أشار إلى مساره الفكري الذي اتسم بالنزاهة واستطاع أن يوجه انتقادات أساسية للفكر العربي بصفة عامة ، من خلاله فتح أوراش، سوف تبقى مفتوحة من بعده للمفكرين النزهاء والمعتدلين، الذين يمتنعون عن الإقصاء كمنهج في التعامل وتشويه الصور وإبعادها عن الحقيقة. في حين أكد مصطفى المسناوي ، أن رحيله يعد خسارة كبرى للفكر العربي، وللفكر والثقافة المغربية بصفة عامة ، حيث لم يقتصر دوره فقط على إعادة النظر في الفكر العربي وإعطاء نظرة جديدة تفتح إمكانيات جديدة لتأويله وتناوله، ولكنه ساهم كذلك في تكوين مجموعة من المثقفين والمفكرين الذين استفادوا من عمله انطلاقاً من مساهمته في التأليف الفلسفي، مروراً بتدريسه في الجامعة، وانتهاء بإعادة تناوله للفكر العربي.. عبد الله ساعف، بدوره، أكد على قيمة الراحل كرجل الأخلاق والعطاء داخل الحقل الثقافي المغربي، وحضوره القوي في الفضاء السياسي خلال فترات الستينيات والسبعينيات. واصفا الجابري في حياته ، برجل الأخلاق، والعطاء، والكرم..