بسبب عامل الفارق الزمني يتوقع أن يعيش المغرب تأثيرات الأزمة الإقتصادية سنة 2010! هذا هو توقع المركز المغربي للظرفية. رئيس المركز ووزير التربية الوطنية السابق، حبيب المالكي يقدم أيضا في هذا الحوار رأيه في إصلاح التعليم وتقديره للحياة السياسية بالمغرب ترجمة : محمد خيرات هذه السنة يتوقع أن يكون المحصول الفلاحي أقل من سنة 2009. ما هو الإنعكاس المتوقع لذلك على النمو، وكذا على أسعار المواد الأساسية؟ هذه السنة اكتست التساقطات طابعا خاصا. بعض المناطق مثل الغرب هي مناطق منكوبة. يجب أن نتعلم تقييم الكلفة الإقتصادية والإجتماعية والبيئية لهذه الظواهر الطبيعية، وبالخصوص إدماجها في السياسات العمومية. فحساباتنا العمومية لا تأخذ في الإعتبار مفهوم المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية. ونمو القطاع الفلاحي سيعرف هذه السنة تباطؤا بالمقارنة مع سنة 2009 ! بسبب تراجغ افكساحات افكزرنغة )-8%)، والفيضانات التي أضرت بالعديد من الزراعات. وهذه الوضعية ستؤثر بدون شك على عرض بعض المنتوجات الفلاحية، لاسيما المنتجات الموسمية، وهو ما يشجع ارتفاع الأسعار، لكن لفترة محدودة في الزمن. وتراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي سيؤثر أيضا على وتيرة النمو خلال سنة 2010 ، التي توقعناها في نسبة 3.2%. الإنتعاش المتوقع سنة 2010، هل سينعش الطلب الموجه للمغرب ويخفف بالتالي من الخسائر المسجلة على مستوى القطاع الفلاحي؟. المغرب يوجد في فضاء جغرافي أورومتوسطي تبقى فيه نسبة النمو ضعيفة، إن لم نقل محتشمة بالمقارنة مع فضاءات جغرافية أخرى مثل آسيا. ولذلك فإن الطلب الخارجي الموجه للمغرب لن ينتعش بسرعة. وفي سنة 2009 سجل الطلب الخارجي انخفاضا بنسبة 10% من حيث الحجم. ومن الصعب توقع انتعاش حقيقي. توقعكم لنسبة النمو (3.2%) أكثر تشاؤما من توقع المندوبية السامية للتخطيط (4.4%).ماالسبب في ذلك؟ هذا التوقع هو توقع واقعي. لأنه من جهة الإنتعاش الإقتصادي العالمي بطيء، ومن جهة ثانية هناك تأثير الفارق الزمني. في سنة 2010 سيعاني المغرب أكثر مما عاناه سنة 2009 من انعكاسات الأزمة. أضف إلى ذلك بنية الموسم الفلاحي وضعف النمو في المنطقة. وهنا، وكيفما كانت قوة الطلب الداخلي ( الإستهلاك الداخلي والإستثمار) لن نتمكن من تعويض العجز الناتج عن بطء الإنتعاش على المستوى العالمي. وبالتالي توقعنا واقعي تعززه الظرفية الجديدة. عموما من الذي تكون توقعاته صحيحة؟ هو الذي لا يتجاوز هامش خطأ توقعاته عموما 0.5% .وطيلة 20سنة من التواجد، حرصنا على أن تبقى توقعات المركز موثوقة. وهذا لا يمنع من إدخال بعض التصحيحات أثناء العمل إذا كان ذلك ظروريا. كل التوقعات بدون استثناء تخضع لذلك. وعموما لم نتجاوز أبدا هامش خطأ 0 .5 % غالبا ما تتهم المندوبية السامية للتخطيط بإدماج معطيات سياسية في حساباتها، ما رأيكم في ذلك؟ المندوبية شريك للمركز. وإنتاجه للمعطيات الإحصائية متواتر سواء من الناحية الكمية أو النوعية. وهو هيئة مدعوة لأن تعمل خارج الإكراهات السياسية. لأن هذه المعطيات هي أدوات أساسية في مسلسل اتخاذ القرارات. وما ينقصنا أساسا هو عقد اجتماعات دورية للإخبار وتبادل الرأي، من أجل الإطلاع أفضل على وجهات نظر هذا الطرف أو ذاك ما يخصنا، وبدون مبالغة هو عقد ندوات وطنية مصغرة حول الظرفية الإقتصادية. كنتم وزيرا للتربية الوطنية، في رأيكم لماذا لم ينجح أي إصلاح؟ الإصلاح هو مسلسل، وهناك ميل لتقديره بنفس منطق بناء عمارة أو طريق سيار..إلخ. التعليم ليس الخلط المتزامن بين الحجر والإسمنت والإسفلت. والنتائج لا تصبح ملموسة إلا على المدى البعيد والتناقض هو أن الذين يفترض فيهم تطبيق الإصلاح هم من لا يتوقف عن انتقاده. وهذا يخلق بالضرورة تفاوتا بين الواقع وتصور الإصلاح لدى هؤلاء أو أولئك. لم تمر على الإصلاح الأخير 10 سنوات، والتلميذ الذي ينتظر أن يحصل على الباكالوريا في إطار هذا الإصلاح الجديد لازال في طور التكوين. والناس يطلقون خطابا قدريا على المدرسة وهو ما يصيبها بالإحباط. - ولكن هناك إحصائيات تؤكد وجود نسب مهمة من الهدر والفشل الدراسي؟. ولكن ذلك لا يرتبط بالمدرسة! فإصلاح التعليم هو رهان مجتمع، فهو ليس إصلاحا قطاعيا مثل الصناعة أو الفلاحة أوالصيد البحري. لأنه يهم جميع مكونات المجتمع، وبالتالي علينا تغيير سلم التقدير.وإذا لم يع الجميع ذلك فلن نذهب بعيدا مهما كانت الوسائل المالية المرصودة. يمكن أن نضاعف هذه الإعتمادات، لكن المهم ليس هنا. فالمدرسة هي حلقة ضمن سلسلة، وإذا كانت الحلقات الأخرى هشة لايمكن للمدرسة أن تلعب دور البديل. الأسرة مثلا تلعب دورا أساسيا وكذلك الأنسطة الموازية خارج المدرسة ..إلخ. والعناية بالطفل قبل 6 أو 7سنوات مهم أيضا. هناك انسحاب للدولة في التعليم ما قبل المدرسي. ولو أن هناك مبادرة في التعليم ما قبل المدرسي العمومي، فإن ذلك يبقى رمزيا. فالمدرسة وحدها لا يمكن أن تنقذ المدرسة. ما هي قراءتكم للحياة السياسية في المغرب؟ إنها تبحث عن معالم جديدة وآفاق جديدة. والأخلاق واحترام قواعد اللعب هي المحددات الأساسية لأي حياة سياسية سليمة. وهي محددات تنقصنا !وهذا ليس غريبا عن رياح الإحباط والشك التي تهب على المجتمع المغربي. ولكن هذا المجتمع ليس لامباليا. إنه يعاقب من خلال تذكيرنا بأن السياسة ليست نمطا لتدبير الذاتيات والمعارك والصراعات الهامشية. لابد أن نعيد للسياسة اعتبارها الحقيقي. فالسياسة بدون أخلاق تعني سلطة الغاب. هل تلعب الأحزاب السياسية دورها كما يجب؟ إنها تجتاز مرحلة تأقلم من أجل فهم أفضل للشرائح المجتمعية الجديدة التي هي أكثر ديناميكية وأعني الشباب والنساء. وهناك بوْن شاسع بين التحولات التي يعرفها المجتمع ووتيرة تطور الأحزاب. وماذا عن الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية؟ إنه يعيد بناء نفسه على قاعدة تجربته في تدبير الشأن العام وأيضا باستخلاص الدروس من مساره التاريخي.إنه مدعو لتجديد نفسه من خلال وضع جسور جديدة مع المجتمع، وتحديد مشروع تعبوي أكثر يرتكز على الحداثة والديمقراطية. نحن نعمل على ذلك وسنة 2012 ستؤكد صواب اختياراتنا. هل تتوقعون حصول تقارب مع أحزاب أخرى؟ نحن على اتصال بمكونات الكتلة (الإستقلال والتقدم والإشتراكية)من أجل تقييم أفضل لتجاربنا، ومن أجل دراسة إمكانية وشروط استمرار عملنا المشترك. ونحن أيضا على اتصال مع مكونات أخرى في اليسار . وطموحنا هو جعل اليسار موحدا في المغرب. سنواصل كذلك الإتصال مع الأحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان مثل حزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية. والتعريف بمواقفنا هو جزء من النقاش السياسي. بالنسبة لأحزاب أخرى مثل التجمع الوطني للأحرار أي تقارب مع حزب العدالة والتنمية هو محرم تقريبا عقد اجتماع لتبادل وجهات النظر لا يعني أن هناك تقاربا مع العدالة والتنمية. فالحوار مع حزب سياسي ممثل في البرلمان ويحظي بشرعية شعبية يعد من صميم احترام قواعد اللعبة، ولكن ذلك لا يعني أننا غدا سنصبح حلفاء. ألم تشكوا أبدا في انتمائكم السياسي؟ أنا أمارس السياسة منذ أزيد من 40 سنة ولم ينتبني أبدا أي شك. فعندما تحمل قناعات، فذلك يساعد على الإحتفاظ بمعنى لما تقوم به. وفقدان القناعات يعني فقدان معنى من أنت.