قال الحبيب المالكي الرئيس التنفيذي للمركز المغربي للظرفية الاقتصادية أن المغرب الاقتصادي يتطور بغض النظر عن ما يعرفه من نواقص، وكذا ما تعرفه بعض الأوراش من محدودية. وشدد المالكي، الذي حل أول أمس الاثنين ضيفا على برنامج «تيارات» بالقناة الثانية، أنه إذا ما أراد المغرب الاقتصادي مواصلة التطور لابد من معالجة الاختناقات السياسية التي يعيشها المغرب السياسي. وأشار المالكي إلى أن المغرب، الذي يعيش برئتين، الاقتصادية والسياسية، تأكد فيه من خلال ما عاشه المغاربة خلال الأسابيع الأخيرة أن ثمة تدنيا في الأخلاق السياسية والوعي السياسي. وأشار الباحث الاقتصادي المهدي لحلو، عضو الحزب الاشتراكي الموحد، محاور المالكي في برنامج «تيارات»، الذي ينشطه ويقدمه الزميل عبد الصمد بنشريف، أن كلا من الوضع الاقتصادي المتأزم والوضع السياسي الجديد يضع القوى التقدمية الوطنية أمام خيار التوحد، ليس في المجال المالي والاقتصادي، بل السياسي أيضا. وفي هذا السياق، اعتبر المالكي أن إصلاح القضاء من أهم المداخل لتحديث الاقتصاد الوطني والمجتمع المغربي، ووسيلة أساسية لاستكمال المواطنة المغربية. وذكر المالكي أن إصلاح القضاء مطلب وطني، كما آمل أن يصبح القضاء سلطة دستورية توازي السلطة التشريعية والتنفيذية، مما سيجعل إصلاح القضاء، في ظل هذا المنظور الدستوري الجديد، واقعا ملموسا يوميا. وخلال تحليله للوضع الاقتصادي المغربي استغرب المالكي طريقة الحكومة في معالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على المستوى المغربي. وقال إن عددا من المتتبعين للشأن الاقتصادي لم يستوعبوا بعد موقف الحكومة وطريقة مقاربتها «التقنية الاختزالية» لآثار الأزمة الاقتصادية. وفي هذا السياق أوضح المالكي أن من أهم استنتاجات الاستطلاع الثاني الذي أنجزه المركز المغربي للظرفية الاقتصادية، أن ثمة خللا في أداء وتعاطي السلطات الحكومية مع تداعيات الأزمة الاقتصادية، مشيرا إلى أن استمرار الأزمة يتطلب تغيير الموقف الرسمي في التعامل معها. وأكد الرئيس التنفيذي للمركز المغربي للظرفية الاقتصادية أنه من الضروري أن تتبنى السلطات الحكومية لغة الحقيقة في تعاملها مع الوضع الاقتصادي الحالي، مذكرا في السياق ذاته، أن المغرب ومنذ عشر سنوات حمل شعار العمل على أساس الحقيقة ومن أجل الحقيقة والجهر بها. وعاب المالكي على الحكومة عدم توفرها على برنامج لمعالجة الأوضاع الاقتصادية نتيجة مضاعفة الأزمة، موضحا في السياق ذاته، أن الأوضاع الصعبة تكون دائما منطلقا لتجديد التفكير والتصحيح والتقويم، هذا، ويضيف، ما لم يحدث إلى حدود الآن. وحسب استنتاجات الاستطلاع الثاني للمركز المغربي للظرفية الاقتصادية يعتبر الاقتصاديون المغاربة موقف الحكومة تجاه تداعيات الأزمة الاقتصادية يتسم بنوع من الخجل والحشمة، وأن القرارات التي اتخذتها الحكومة لم تكن جريئة وقادرة على مواجهة المشاكل، وكذا اختزال الحكومة للدعم في قطاع واحد وهو النسيج، كما اعتبروا أن الأزمة كان لها تأثير مباشر على إنتاجهم، وتدهور قطاعاتهم، وأشار الفاعلون الاقتصاديون، ايضا إلى أنهم يعيشون صعوبات والبعض الآخر أزمة جديدة. وقال المالكي إن المغرب اليوم في حاجة إلى فكر اقتصادي استراتيجي، ولا يمكنه أن يستمر من خلال سياسات قطاعية محدودة، كما أنه حان الوقت الآن بالنسبة للمغرب لوضع برنامج استعجالي متكامل وقوي يساعد على تثبيت معدل النمو الاقتصادي في 5 بالمائة. وتخوف المالكي في ذات الآن، من أن تداعيات الأزمة الاقتصادية الحالية التي قد تفقد المغرب، في القادم من الشهور، نقطتين في النمو الاقتصادي ليصبح 3.2 بالمائة عوض 5.2 بالمائة، مما ستكون له مضاعفات تتجلي في نقص الطلب الداخلي ونقص في القدرة الشرائية الناتج عن ركود الأجور والتسريحات. وقال المالكي إنه حان الوقت لإعادة الإعتبار للتخطيط بمفهوم متجدد يحدد الآفاق والأدوار بين كل المتدخلين، مؤكدا على ضرورة وضع مخطط يساهم في تنمية مستديمة، ويضع أرضية متينة تساعد على تجاوز هشاشة الاقتصاد الوطني وإعطاء الأسبقية للتصنيع المندمج الذي يأخذ بعين الاعتبار حاجيات القطاعات، والابتعاد عن جعل المغرب أرضية تجارية فقط. وذكر المالكي اتفاقيات تبادل الحر التي وقعها المغرب مع عدد من الشركاء، مشيرا في هذا الصدد، إلى أنها لم تتم في إطار استراتيجية محكمة تجعل من التبادل الحر أداة للتنمية المستديمة. وطالب المالكي، بهذا الصدد بأن يقف المغرب وقفة تأمل لتقييم عمليات الخوصصة التي أقامها المغرب مؤخرا، وهو فعل، يضيف المالكي، يتطلب نوعا من الجرأة. كما ثمن الأوراش الكبرى التي فتحها المغرب و بالخصوص الواجهة المتوسطية. وأشار المالكي إلى أن الأزمة الاقتصادية أعادت الاعتبار للدولة في كل من فرنسا وعدد من الدول الأوربية، وطالب بأن يحذو المغرب حذوها من خلال مقاربة شاملة لتبعات الأزمة حتى لا تكون لها تبعات اجتماعية.. كما ثمن المالكي، إجراء إنشاء لجنة لليقظة لتتبع الأوضاع الاقتصادية المغربية على ضوء ما يجرى على المستوى العالمي، غير أنه في الآن ذات يأمل أن تتم مأسسة هذه «اللجنة» خاصة وأن الأوضاع مرشحة لتغييرات سريعة في الأشهر والسنوات المقبلة.