أعادت الأخبار التي تداولتها وسائل الإعلام، بعد الخميس 8 أبريل الجاري، عقارب الذاكرة المغربية إلى زمن بعيد، زمن سياسي أحد أبرز عناوينه صفة «الصدر الأعظم». أجل، صباح ذلك اليوم، أقدمت السلطات المحلية بمكناس، يقول مراسلنا، على الحفر في أول يمين المعرض في الجهة المقابلة لولاية الأمن للتأكد مما يدعيه حفدة الصدر الأعظم للمولى عبد العزيز، أحمد بن موسى، المعروف بلقب «ابا احماد»، مما يدعونه من كون جدهم الأكبر، أبي عباس أحمد بن مبارك، الصدر الأعظم هو الآخر خلال ولاية المولى سليمان، مدفونا في المكان، مستدلين في ذلك على مجموعة من الوثائق التاريخية من ضمنها ما أورده المؤرخ عبد الرحمان بن زيدان في الجزء الأول في مؤلفه «إتحاف إعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، متحدثا عن وفاة ودفن هذا الوزير:» توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين وألف، ضربه عبيد البخاري برصاصة، بغابة حمرية، ودفن يمين الخارج على باب أبي العمائر، ولازال على قبره إلى الآن بناء كان أحدثه بعض حفدته رحمه الله». عادت صفة «الصدر الأعظم» للتداول إذن، هي التي تسم حقبة طويلة من تاريخ مغرب الحماية وما قبلها، هي التي تحيل كذلك على «المخزن» الذي كان يساعد السلاطين في حكم البلاد والعباد. وإذا كان أشهر من تولى مسؤولية الصدر الأعظم يظل، بدون منازع ابا احماد ، مثلما كان لآل الجامعي صولات وجولات داخل «البنيقة» المخصصة للصدر الأعظم في المشور، جولات انتهت بشكل مأساوي، فإن أقرب من تحمل مسؤولية الصدارة العظمى لذاكرة مغاربة اليوم زمنيا هو الحاج المقري الذي عمر في منصبه أربعين سنة وتوفي في 1957 وسنه... 115 سنة. ماذا كانت اختصاصات الصدر الأعظم؟ من حمل هذه الحقيبة الوزارية؟ ما موقعها داخل هرم المخزن؟ ما وضعها التراتبي إزاء السلطان وبقية خدامه؟ ما الحروب «السياسية» التي دارت للظفر بها؟ أسئلة عديدة ومتشعبة يسعى هذا الملف لإضاءة بعض جوانبها.