ملعب المرينيين الذي يتوسط أكبر التجمعات السكنية الشعبية بفاس شرع في رحلة الغوص إلى الأعماق بفعل الارتجال وعدم استيفاء الشروط الضرورية لإحداثه،حدث يؤكد لمن لازال يحتاج إلى تأكيد أن تدبير المال العام المتحصل من دافعي الضرائب خاصة زمن الاستحقاقات بمدينة فاس بات يشكو من داء عضال من غير أن يتم تشخيصه بموضوعية ومباشرة علاجه بإرادة سياسية محكمة . قبيل الاستحقاقات الجماعية ل 12 يونيو الماضي إلى الآن وفاس العالمة تندب 12 قرنا على تأسيسها هدما وتجريفا . في هذا الباب، لا يحتاج المرء إلى كبير عناء كي يدرك المصير البئيس لعدد كبير من المشاريع المأمولة و المجهضة أو تلك التي رأت النور بأغلفة مالية خيالية،لكن سرعان ما جرفتها السيول وطمستها الأوحال وباتت مصاريف صيانتها الاعتيادية أثقل من القيمة الحقيقية للمشروع . في مقدمة هذا الفشل الكبير يأتي ترقيع الأسوار التاريخية، ترسيم نافورات لم تستوعب حوافها الضيقة أحجام حافلات النقل المزدوجة، نافورات باتت أيقونة ملازمة لكل شارع تحت ضغط الإعطاب المتكررة و الرقابة الأجنبية الباهظة الكلفة. ملعب فوق مطرح نفايات وبلا مواصفات تم تشيد ملعب لكرة القدم بمنطقة المرينيين بلبوس انتخابي على عجل على مساحة هكتار تقريبا ، أما المكان الذي شيد هذا الملعب فوقه ، فقد كان عبارة عن مطرح نفايات عدد من لأحياء الشعبية مثل بنزاكور وجنان لحريشي وجزء من لابيطا، لذلك ، ومن الناحية المادية ،لم يكلف المشروع الجماعة الحضرية شيئا، فلا عشب اصطناعي ولا نوافذ ولا مدرجات ولا إنارة ولا مدة ضمان ، لقد كان المشروع مرتجلا بمسوح انتخابية غايته حشد الآلاف من الأصوات الانتخابية لشباب يائس ومحروم لفائدة لون سياسي معين وهو ما حصل فعلا . إضافة إلى ذلك ، أعطيت التعليمات وشرعت الجرافات بشفط ملفوظات البناء العشوائي وتكديسها ، كما راكمت مآت من أكياس القمامة السوداء ودكتها ثم حوطتها بفرشة إسمنت ناشف ، كل ذلك بهدف الظهور بمظهر الحريص على الاهتمام بشباب المنطقة ، وفي اقل من يوم تم تسوير الملعب وفتح بوابتين حديديتين حتى يكون جاهزا بعد أسبوع لاحتضان فرق الأحياء ، الذين سيدفعون حناجرهم ثمنا لذلك، مشروع لم يكلف السلطة سوى أربع وعشرين ساعة ، لحظتها اعتبرنا كمتتبعين ومهتمين أن المشروع انتخابي انتهازي وصولي بالدرجة الأولى . وعندما نلقي نظرة اليوم وبعد أربع سنوات على هذا الانجاز نقول على طريقة لاسيكون: ههه ياك قلتها ليكم؟؟؟ صفقة لشراء الأصوات وبدون أفق تنموي والآن وقد تحققت نبوءة العراف ، فقد شرع الملعب يغرق في المزبلة شيئا فشيئا ، ويمكن الجزم بان عمره الافتراضي كي يختفي في قعر الهاوية لن يتجاوز بضع سنوات شمسية على الأرجح ، إلى ذلك فان السؤال الذي يطرح نفسه هو من سيحاسب من ؟ وما مصير الأموال العمومية التي تهدر في مشاريع ميتة وصفقات بدون أفق تنموي حقيقي ؟ وهل من متتبع أمين لصرف الأموال المحصلة من جيوب الساكنة؟ وهل يعي شباب المنطقة الدرس ولن يسمح للانتهازيين بإعادة الشمتة مرة أخرى ؟ بعيدا عن كل المزايدات، فان الجماعة الحضرية بفاس مسؤولة بشكل مباشر عن مآل ملعب الحفرة بمنطقة المرينيين ، ولن يقبل منها أي تبرير في الموضوع ، لأنها هي التي رخصت بإحداث ملعب دون توفير الشروط الضرورية ، في وقت كان هاجسها هو الأصوات ولا شيء غير ذلك ، ملعب اقتضت سياسة شراء الذمم و الضحك على الدقون ان يشيد في زمن قياسي فوق أكياس النفايات وركام الازبال وملفوظات البناء العشوائي الذي عرف أبهى مستوى له على مر عقدين من الزمن في ظل الواقع التدبيري الجديد . الجماعة الحضرية لفاس مسؤولة قانونيا وأدبيا وهي التي حشدت وعبئت في زمن قياسي شباب الأحياء والكاريانات وحشدت أصواتهم وأصوات ذويهم وعليها ان تتحمل نتيجة فشلها، وعلى شباب الأحياء ان لا يسمحوا باستبلادهم مرة ثانية. فاس أشهر مدينة في تبذير الملك العام اشتهرت مدينة فاس دون غيرها من المدن في السنوات الأخيرة بأشهر عملية تبذير للمال العام في تاريخها الزاخر بالمشاريع المجهضة والنكسات والارتجاجات المتتالية، بناياتها المتهرئة المسندة بدعامات خشبية باتت هي الأخرى تحتاج إلى من يدعمها، أرصفة صالحة يتم تبديلها بأخرى في شوارع بعينها وعيونها، وتفضيل إهمالها بدل تثبيتها في أماكن تبدو حاجتها ملحة إلى خدماتها، هيكلة الفضاءات العمومية وإعدامها جماليا بتصورات أسوأ ،تبليط المساحات الخضراء درءا لصيانتها ، فضلا عن عدم التزام المقاولات الصديقة بدفتر التحملات فيما يخص انجاز المشاريع على الأرض في الوقت المحدد ، فيضانات الوديان الضعيفة باتت تجتاح و تجرف الساكنة دون سابق إنذار مخلفة خسائر في الأرواح، لم تفلح الترقيعات العشوائية وما تكلفه أغلفتها من ملايين الدراهم لم تفلح في وضع حد لخسائرها، ولعل تدفق مياه سد الكعدة بسبب الأمطار الأخيرة على أحياء المدينة العتيقة بفاس وإتلاف ممتلكات المواطنين بها خير دليل على ذلك . ترسيخ دور المؤسسة بدل القرارات الفردية رغم بعض الإشارات المحتشمة ذات العلاقة بالتنمية الحقيقية التي تلوح من حين لآخر بلبوس انتخابي يؤشر في جوهره على حملات انتخابية تكون في العادة سابقة لأوانها، فإن انهيار مشروع تنموي بهذا الحجم يعيد إلى الواجهة من جديد آفة سياسة الارتجال والحلول الترقيعية ارتباطا بالاستحقاقات مما يعيق تحقيق إقلاع تنموي رياضي يرقى إلى مرتبة تعيد للمنجز التنموي وللمواطن الرياضي الإشعاع والتألق . فمع مثل هذه المشاريع اليائسة والبئيسة ، أصبح من الضروري ترسيخ وتفعيل دور المؤسسة في التدبيرالمجتمعي بدل التسيير الفردي والقرارات الانتخابية الفجة التي تغيب الشفافية مما يميع الفعل التنموي في شقه الرياضي من جهة ، ويكرس من جهة أخرى ثقافة تبذير المال العام دون حسيب أو رقيب .