قام عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح المكلف بالعلاقات العربية، بزيارة للمغرب في إطار جولة عربية، وقد أجرى المسؤول الفتحوي مباحثات مع عدد من القيادات الحزبية المغربية، حيث أطلع عباس القيادات السياسية المغربية على الأوضاع الداخلية الفلسطينية وآخر مجريات القضية الفلسطينية. معه كان هذا الحوار القصير الذي أوضح فيه موقف حركة فتح من أبرز قضايا الشأن الفلسطيني - كيف تنظر حركة فتح اليوم إلى تشابكات القضية الفلسطينية؟ - لقد أدركت حركة فتح منذ البداية أن القضية الفلسطينية بالغة الصعوبة والتعقيد، والقضية محل تدخل أطراف متعددة بحكم قداستها، وبسبب حجم التحالف الدولي المعني باستمرار إسرائيل في المنطقة. ولذلك كان على فتح طرح استراتيجية واضحة تقوم على أن يأخذ الفلسطيني زمام المبادرة إلى فلسطين بأقصر الطرق. وذلك بانتهاج الكفاح الفلسطيني، ومواجهة كل الصعوبات التي يفرضها مثل هذا الاختيار. وطبعا عرفت هذه السياسة مدا وجزرا، صعودا وهبوطا، إلى أن تم تحقيق أول انتصار عسكري بالتعاون مع الجيش الأردني في 21 مارس سنة 1968، كما تحقق الانتصار في حرب أكتوبر، مما فرضنا في قمة الرباط في إطار منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، وحققنا إنجازات دبلوماسية، إذ أصبحت المنظمة عضوا كامل العضوية في جامعة الدول العربية وعضوا مراقبا في الأممالمتحدة، حيث ارتقى الرئيس الراحل ياسر عرفات منبر هذا المنتظم الدولي لأول مرة مخاطبا العالم حاملا في يد غصن الزيتون وفي اليد الأخرى البندقية. واليوم وعلى الرغم من كل محاولات الانشقاق والانقلاب والخذلان من شركائنا في المسيرة، فإننا واثقون أن الصلف والتحدي الإسرائيلي الذي يجد التفافا دوليا ودعما أمريكيا سيجد مواجهة فتحوية تستقطب كل الفلسطينيين ويجعل التداخلات تصب في نهر العطاء واستمرار التحدي الفلسطيني الذي يروم تحقيق العودة لشعبنا والدولة المستقلة وعاصمتها القدس، التي ستكون العاصمة النواة لدولة الوحدة العربية. - يوحي الوضع الداخلي الفلسطيني بتجاذبات إقليمية وخارجية كيف تقيمون ذالك؟ - نعتبر أن الانقلاب الذي قامت به حركة حماس سنة 2007 حادث طارئ لا ينسجم وتقاليد شعبنا، وليس سمة من يناضلون من أجل بلدهم، ذلك أن الأولوية تكون لمواجهة العدو الإسرائيلي وإزالة الاحتلال وليس للتلهي بدماء بعضنا البعض. وهو ما يمثل أجمل الهدايا لأسرائيل، ويولد الغبن والإحباط. وطبعا لم نستدرج إلى رد فعل، إلى معركة ترتبها إسرائيل يكون فيها الاقتتال فلسطينيا فلسطينيا، الشيء الذي سيدمر وحدتنا التي هي أهم مرتكزات قوتنا في خوضنا هذا الصراع المعقد. ولذلك دعنا نتحدث عن وعي شعبنا وإرادة كل أطراف منظمة التحرير لتطويق أي فعل أرعن لحماس أوغيرها. ويلاحظ الجميع أنه يوما بعد يوم وضعت حماس في الزاوية أمام شعبنا الفلسطيني، وأنها لاتجرؤ على التقدم إلى صناديق الاقتراع، على الرغم من ادعائها برفع راية المقاومة، كما يلاحظ تذبذب موقفها من التوقيع على الورقة المصرية. وبخصوص التحذيرات الأمريكية لنا بعدم التوقيع على هذه الورقة أضحت حماس مكشوفة وليس لها خيارا سوى التوقيع على الورقة المصرية، وتدخل في الإجماع الفلسطيني. وهذاما يغلق الأبواب أمام التدخلات الخارجية، خاصة ونحن أصحاب المشروع الوطني الفلسطيني، ويطلب منا أولا إنجاز هذا المشروع بتحقيق الوحدة الفلسطينية، ولن يطول هذا الانقسام سواء السياسي أو الجغرافي لأنه يعطي الذرائع للذين يريدون التنصل من التزاماتهم تجاه النضال الفلسطيني وتنفيذ القرارات العربية والدولية بشأن إقامة الدولة الفلسطينية. ولايسعنا في هذا السياق سوى التأكيد على أن الوحدة بالنسبة لنا حياة والانقسام موت ولن نسمح باستمرار هذا الوضع. - لكنكم قلتم أنكم تحاولون استيعاب حماس كيف ذلك؟ - سوف نطبق مبدأ انصر أخاك ظالما أو مظلوما، أي إذا كان معتديا أحول دون استمراره في اعتداءاته، وأنتصر له إذا كان مظلوما. ويمكن حل أية مشاكل داخلية على قاعدة الحوار الديمقراطي، ونحن نعتبر حماس جزءا من الجسم الفلسطيني، ونحن نرفض تفجير الأوضاع الداخلية الفلسطينية. وفي مرحلة ما كنا نقوم بدور الإطفائي لتطويق الحرائق التي كانت تشتعل أحيانا بين الأقطار العربية المتعددة. وكان زعيمنا الراحل ياسر عرفات مسؤول ثقافة المقاومة يتألم من أي صراع. ولدينا حرص على عدم الاستسلام للنزق وشهوة السلطة. ويمكن استيعاب حماس بالتدريج، والانتصار على حماس ليس انتصارا، إنما الانتصار الحقيقي يكون على الاحتلال الإسرائيلي. وهناك شخصيات وازنة في حماس تمتلك هذه الرؤية، ويمكن التعويل عليها لتطويق الأرواح الشريرة. - من المواقف التي ميزت المجريات في الساحة الفلسطينية مؤخرا إعلان الرئيس أبو مازن عن نيته عدم ترشيح نفسه لولاية رئاسية أخرى كيف ترون هذا الموقف؟ - يعتبر موقف أبا مازن إسقاطا لنهج التسوية، لأنه قدم ما أراده منه الوسطاء والمجتمع الدولي، ونفذ بدقة الجزء الأول لخارطة الطريق، وأحرج كل المتدخلين برغبته الجامحة بتحقيق السلام امتثالا لهم، فاكتشفوا أنهم لايستطيعون مسايرة هذا الإيقاع فاعتذروا من الاستمرار، خاصة وأن نهج التسوية تحطم على صخرة الصلف الإسرائيلي الذي بلغ ذروته مع الحكومة الحالية. وأبو مازن أسقط بموقفه هذا الأقنعة عن الوجوه، وهو صادق مع نفسه، لأنه جاء لإنجاز السلام، لكن الوقائع تؤكد أن السلام وصل إلى طريق مسدود، بما في ذلك السلام بالمنظور الأمريكي، وهذا طبعا بسبب العجرفة الإسرائيلية. وعليه يتنحى أبو مازن ليفسح المجال للمؤسسات الفلسطينية لتقوم بدورها للتصدي والمواجهة. وشعبنا أكبر من قيادته. - ألن تفتح خلافة أبو مازن على رأس السلطة بابا من أبواب الصراع؟ - سن الرئيس الراحل أبو عمار سنة حميدة عندما قرر أن يأتي الرئيس عبر صناديق الاقتراع.