يحلو للبعض أن يكتب إن إنتاجنا الفني في تناقص مستمر بانسحاب الرواد، حتى أنه يخشى أن استمر الحال على ماهو عليه أن يستبعد المغاربة تماما من ساحة الإبداع الفني، بل وربما قد يصل الأمر حسب البعض إلى عدم القدرة على استهلاك المعرفة نفسها بله المساهمة والإنتاج في ظل كسل كسيح وتبعية مترسخة، وانبهارية ضاربة أطنابها في جموع آليات التعبير والإنتاج الأدبي والفني. لكن نظرة متأملة إلى حدث فني قريب مر مرور الكرام تكشف زيف هذا الادعاء. فبدعوة من نادي الفنون التابع لجامعة الأخوين أقام الفنان التشكيلي عبد السلام عقال معرضا تشكيليا استرجاعيا لأهم إبداعاته الفنية وذلك ابتداء من 8 دجنبر 2009 بمقر رواق المؤسسة تحت موضوع : «متخيل الصحراء». وضم المعرض ثلاثين لوحة تجسد الفنان المغربي عبد السلام عقال وتجربته كما تؤرخ لأهم مراحل الفنان بدءا بالواقعية الأكاديمية مرورا بالانطباعية ثم المرحلة التجريدية. ولقد أبرزت لوحات المرحلة الأخيرة مدى ارتباط الإنسان بفكرة الأرض، ارتباطا أبديا تجلى في الإيحاءات اللونية التي طغى فيها اللونيين الأصفر والبني. وقد عرف المعرض نجاحا كبيرا . إن الاقتراب الهادئ من مفهوم « متخيل الصحراء» للوهلة الأولى يفيد أنه من المفاهيم الأكثر غموضا وإشراقا في الذهنية العربية في ذات الآن ، لذلك من الأجدى في تقديرنا مقاربة هذا المتخيل انطلاقا من تحديد مفهوم الواقع الثقافي والاجتماعي لمبدعه، من هنا إظهار اختلافه عن المفاهيم القريبة والبديهية وأهمها مفهوم المتخيل الصحراوي كما شاءه المبدع عقال . فقط نظرة عميقة ومتفحصة تسمح لنا بالغوص في هذا المتخيل بفضل إمكانية السؤال عن المعنى الذي يقصده المبدع من خلال تصريف لونين بحدة والتركيز على بؤرهما حتى يبدو المتخيل الصحراوي عالما حاملا لمعنى لا مكاني يحتمل دلالات متعددة متخيل الصحراء، بحث يقوم على محاولة إبراز متخيل إبداعي يروم دمج الأزمنة كما جسدته أنامل الفنان عبد السلام عقال ،أي أنها عملية بحث في اللون ذاته وليست بحثا في مدى تمثله أو تمثيله للمجتمع الصحراوي الذي يتخذه مرجعا له ، ومن هنا فإن قراءتنا هي إعادة تشكيل متزنة للمتخيل اللون بحثا عن صورة خيال الصحراء أو الصحراء المتخيلة التي بلا ضفاف. تبقى الإشارة إلى أن هذه الصحراء في تقديرنا لا علاقة لها بصحراء نجد والصحراء المغربية الواقعية ، كما أن مضمونها لا يمت إلى صحراء الواقع بصلة. ولد عبد السلام عقال بمدينة فاس سنة 1958 أكمل دراسته بها وحاز على الإجازة في الأدب الفرنسي سنة 1985 حاز شهادة كلية علوم التربية، حيث التحق بسلك التعليم كأستاذ للفرنسية. أقام أول معرض فردي برواق كلية الآداب ظهر المهراز بفاس سنة 1978 كانت فرصة مناسبة للتعرف على الفنانة التشكيلية «كريسيلدا» الطيبة هي أستاذة للفنون الجميلة حيث اشتغلا معا لمدة طويلة أقام خلالها عدة معارض بمدينة فاس بالمعهد الثقافي الإسباني. الاستاذ الفنان عبد السلام عقال يعمل كمسؤول عن وحدة التوثيق بالمركز الجهوي للتوثيق والتنشيط والإنتاج التربوي بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين جهة فاس بولمان.