كيف تقضي يومك في رمضان ؟ لا أريد أن أتحدث عن الواجبات الدينية لأنها لا تهم القارئ في شيء فهي واجب بينك وبين الله. أنا غالبا ما أميل إلى الاستمتاع بالليل أكثر من النهار، أحاول دائما أن أنام سبع ساعات في اليوم، وأحاول أن أوازن بين متطلبات المنزل والقضايا الفكرية والثقافية. غير أن رمضان هذا العام يميزه انشغالي الكبير باللمسات الأخيرة لفيلم مسحوق الشيطان هل لك أجواء خاصة في رمضان؟ أنا أستمتع كثيرا بلقاء الأصدقاء خاصة أصدقاء الفكر والمعرفة والحوار الثقافي البناء.. وأعمل جاهدا إنشاء الله مستقبلا على التحضير لإنشاء صالون ثقافي ،فكري ،سينمائي، شعري...وسأعمل على توثيقه بالصورة والصوت إنشاء الله. أما عن الأجواء الخاصة جدا.. فهي الكتابة ..ففي رمضان أشعر بطاقة كبيرة على الكتابة...الكتابة في كل شيء وغالبا ما تكون في السيناريو. هل أنت من الناس الذين يغضبون في رمضان أو ما يصطلح عليه ترمضينة؟ سأقول لك شيء غريبا، هو أنني قد أكون سريع الغضب في الأيام العادية، إلا رمضان ففي هذا الشهر تنتابني سكينة وطمأنينة داخلية تشعرني بهدوء غير معتاد وبالتالي لا أشعر بالغضب من أي شيء..حتى سلوكات بعض السائقين التي تثير غضبي في الأيام العادية..في رمضان لا أمنحها اهتماما. وأتغاضى على جميع هذه السلوكات...أما في البيت فغضبي أوجهه إلى بعض البرامج التلفزيونية وخاصة التي تعرض تحت شعار الفرجة الرمضانية. ما الذي يزعجك في الحياة؟ ما يزعجني في الحياة، هو عدم تكافؤ الفرص بين الجميع، وكذا المجاملات السلبية التي لا تحث على الاجتهاد والعمل بقدر ما تحث على التهاون والرضى السلبي على ما قمت به. وهذا يحدث كثيرا في الميدان الفني الذي نعيش فيه. فحين يعرض عليك صديق عملا إبداعي ما، وتدخل معه في نقاش علمي حول وظيفة الإبداع وكيفية تطوير هذه الرؤية للوصول إلى عمل متميز...تشعر بأنك سلكت الاتجاه الخطأ ... وأن ما كان يريده صديقك هو مباركة العمل وكفى... وهذا يزعجني كثيرا وربما هذا ما حفزني كثيرا إلى فكرة الصالون الفكري والفني الذي تجمع فيه ثلة من الأصدقاء الأكاديميين الذين يتقاسمون نفس الرؤية للتباحث حول دور الفن بشكل عام في المجتمع...وذلك بطريقة خالية من المجاملات.. فإن غاب النقد البناء من أي مجتمع...تعطلت دواليب التقدم . ما هي أفضل أوقات راحتك؟ لا أخفيك القول، إن قلت أنه أفضل أوقات الراحة بالنسبة لي هي العمل... وخاصة عندما أكون في مرحلة المونطاج لا أشعر بالعياء مطلقا...فقد أستمر في العمل لساعات طوال دون ملل..خاصة إذا كان لك صديق تتقاسم معه نفس الهم ونفس الثقافة..يصاحبك في هذا العمل...كما حصل مؤخرا مع الصديق الحبيب العمراني. أما أوقات الراحة الأخرى التي أشعر بها خارج العمل وهي صحبة عائلتي بعيدا عن الرباط..في مكان جبلي..بعيدا عن صخب المدينة ورنات الهواتف النقالة والثابتة. كمخرج ماهو الفيلم الذي شاهدته وأثر في حياتك؟ إدا أردت أن أكون صادقا أكثر مع نفسي...لا يمكن أن أقول بفيلم واحد...فكل فيلم جيد أشاهده يغير شيء من رؤيتي للحياة...من نظرتي للوجود..من الفلسفة العامة التي أتبناها..وهكذا يمكن أن أقول سينما براديزو المريض الإنجليزي،درس في البيانو، حياة الآخرين ساهمو الى حد كبير في الدفع بتجربتي السينمائية المتواضعة نحو النضج . حدث طريف وقع لك أثناء تصوير إحدى أعمالك؟ إن الأحداث التي تقع لك أثناء تصوير الأفلام لا تكون طريفة حينها بالمرة...بل بالنسبة لي تكون مشكلة تؤثر على الطاقم التقني والفني كله...لكن حينما نتغلب عليها بنجاح تصبح طريفة فيما بعد، وأذكر هنا مرحلة التصوير لفيلم سينمائي كنت قد أنجزته سنة 2005 وهو فيلم بيدوزا وهو فيلم يتحدث عن صراعات طفولية بين الأطفال قد تصبح دراما للكبار...وتدور أحداث الشريط في الحي الصفيحي دوار الكورة بالرباط، حيث صورنا لمدة ثلاثة أيام بالحي وفي اليوم الأخير، جاء أحد أبناء الحي المعروف بتصرفاته السيئة فطلب منا أداء السومة الكرائية لأخذنا بعض اللقطات قرب نافورة الماء المتواجدة بالحي (السقاية) على أساس أنه هو صاحب النافورة...فرفضنا طبعا هذا الطلب الغريب لكنه أصر على ذلك.. فاستنجدنا بشرطيين كانا معنا كمرافقين لكنهما، أمام جنون هذا الشخص، طلبا منا تزويده ببعض الدراهم، ولما أعطيناه ما اتفقنا حوله من المال، ظهر العديد من شباب الحي وقطعوا الطريق أمام سيارات فريق التصوير...فبدأنا نعطي لكل شخص ما بين 50 و20 درهم حسب ما يراه الزعيم صاحب النافورة (السقاية) مناسبا. هل أنت راض عما تعرضه السينما المغربية؟ أولا أنا راض تماما عن السياسة العامة للدولة تجاه السينما.. لأن سياسة دعم المنتوج السينمائي المغربي هو المخرج الوحيد للسينما بالمغرب نحو التألق والتقدم.. وبدون إنتاج كثير للسينما لا يمكن أن نتحدث عن صناعة لهذه السينما بالمغرب، وربما إنتاج 16 فيلم في السنة، هو إنتاج متوسط، لكنه عمل جبار لدولة عربية وإفريقيا كالمغرب. أما من حيث مستوى الإنتاجات السينمائية المغربية...فلا بد أن يكون هناك اختلاف..كل حسب ثقافته وفكره ورؤيته للحياة.. فبعدم وجود الإنتاجات السينمائية الرديئة لا يمكن أن نعرف الجيدة...وهكذا دواليك...تماما كتعاقب الليل والنهار. يقال إن المخرج عز العرب ديكتاتوري مع الطاقم الفني والتقني أثناء التصوير؟ لا أتقن هذه اللغة بتاتا.. فالكثير من الأصدقاء الذين حضرو معي البلاتو كانوا يحثونني دائما على أن أكون قبيح المعاملة لكي أربح الوقت أكثر في الإنتاج..لكن الشيء الذي لا أستسيغه، أن ما أقوم به كمخرج...كفنان ..لا يتطابق والديكتاتورية في التسيير...فالمفروض أن تمارس حالة من الإبداع...وتحتاج لكي تبدع إلى الوئام.. إلى السلام داخلي وخارجي..فكيف يمكنك أن تجمع بين المتناقضات...وتنجح في الأخير في إعطاء تحفة سينمائية...هذا غير ممكن بالمرة...ولا أعتقد أن المخرجين العالميين الذين أبدعوا عبر التاريخ كانوا ديكتاتوريين تجاه الفريق التقني أو الفني... ما هي لحظة التحول في حياتك؟ غيرت حياتك كلها؟ لا اذكر لحظة بعينها غيرت مجرى حياتي، فأنا دائما أحاول ألا أكون عرضة للتغيرات المفاجئة أو أن أكون مسافرا في اتجاه حسب ما تشتهيه الرياح. تعرضت في حياتي إلى محطات كبرى، سلبية وإيجابية، لكنني دائما أترك لحظة الحكم عليها إلى ما بعد المحطة...حتى تتمكن من الحكم على حجم النهر يجب أن تنظر إليه من بعيد: وليس وأنت بداخله. هل تحب أن يصبح ابنك مخرجا مثلك أم لا ولماذا؟ الإخراج كما هو الفن بصفة عامة ، لا يدخل في خانة تبع حرفة بوك لا يغلبوك فالفن له طقوسه الخاصة وأبجدياته...ولا يمكن أن تفرض على ابنك الإبداع كمهنة، إلا إذا كان يشعر بهذه الرغبة..كطاقة داخلية، حينها لا أنا ولا أحد بإمكانه أن يقف أمام طموحات المرء واختياراته الإبداعية. ما هي متمنياتك لك وللأمة الإسلامية في رمضان؟ متمنياتي الشخصية تنحصر في الصحة والعافية لي ولأسرتي وللإنسانية جمعاء. وبمغرب مزدهر حضاريا وثقافيا وسينمائيا وللامة الإسلامية بالعزة والكرامة والوحدة.