مازال جنرالات الجزائر يطرقون كل الأبواب، شرقا وغربا، من أجل إبرام صفقات تسلح وصفتها بعض التقارير الدولية بحمى «السباق نحو التسلح»؛ فقد أوضح مسؤول صربي، أن صربيا والجزائر أبرمتا عدة عقود نهاية السنة الماضية، تتعلق بصفقات الصناعات العسكرية بلغت قيمتها المالية نصف مليار دولار أمركي. وذكر متحدث باسم وزارة الدفاع الصربية نقلا عن مصادر إعلامية، أن السنة الماضية أفضت إلى توقيع عقود بيع أسلحة مع الجزائر، مشيرا إلى أن الطرف الجزائري عبر عن رضاه التام عن صفقات الأسلحة التي تم التعاقد عليها، ومن بين ما جاء في محتوى هذه الصفقات، الاتفاق على شراء طائرات مصنعة من قبل «أوتفاش بانشيفو». وكان وزير الدفاع الصربي، دراجن سوتانوفاك، قد أكد أن بلاده على استعداد لمنح خبرتها العسكرية للجيش الجزائري. وقال عقب لقائه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، السنة الماضية، أن زيارته إلى الجزائر سيركز فيها على التعاون في المجال العسكري، مشيرا إلى أن بلاده قررت فتح أبواب مدارسها التدريبية الحربية أمام إطارات الدولة الجزائرية. للإشارة ستشرع الجزائر على امتداد النصف الأول من سنة 2010 في تسلم 16 طائرة تدريب عسكرية من طراز «ياك 130»، حيث صرح رئيس مجمع «إيركوت»، الشركة المصنعة، إن شركته تواصل بنجاح صنع الطائرات الست عشرة التي طلبتها الجزائر، والتي تم التعاقد بشأنها سنة 2007 أثناء زيارة الرئيس الروسي الأسبق فلاديمير بوتين إلى الجزائر. يأتي هذا في الوقت الذي وقع فيه المغرب عقدا مع الولاياتالمتحدة للحصول على 24 مقاتلة من طراز «إف 16» بقيمة تصل إلى 2.4 مليار دولار، إلى جانب صفقة أخرى سيتم بمقتضاها تزويد المغرب بصواريخ من طراز AIM - 120 - C7 .. وكانت الجزائر قد تسلمت في الفترة الأخيرة آخر 28 من مقاتلات «سوخوي»، مما يؤكد على التعاون العسكري الكبير بين البلدين، حيث احتلت الجزائر سنة 2008 المرتبة الثانية، بعد الهند، في قائمة زبناء الأسلحة الروسية برقم معاملات بلغ 1.366 مليار دولار. وقد أظهر مشروع الميزانية الجزائرية لسنة 2010 أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مازال مصرا على رفع ميزانية الدفاع إلى حدود غير معقولة، حيبث خصص لوزارة الدفاع ميزانية بلغت 5,7 مليار دولار مقابل 6.25 مليار دولار خلال سنة 2009، و 2.5 مليار دولار أمريكي سنة 2008 . وتسعى الجزائر، من خلال رفع هذه الميزانية، إلى استغلال تحسن وضعها المالي وارتفاع عائدات النفط لتنفيذ برنامج احترافية الجيش الجزائري وتطوير معداته وتجهيزاته الحربية وعقد صفقات عسكرية. وكانت الجزائر قد وقعت قبل سنة 2008 صفقة لتزويد الجيش الجزائري بطائرات عسكرية مقاتلة من نوع (ميغ 29) من روسيا بقيمة 3.5 مليارات دولار. برنامج تطوير الجيش وتسليحه ودفعه نحو الاحترافية العسكرية، الذي أطلقه بوتفليقة منذ 8 سنوات، لن يقتصر، كما يرى ذلك المتخصصون، على شراء أسلحة وتجهيزات عسكرية من الشركات الأجنبية، بل يهدف إلى دعم «شركة تصنيع العربات المدنية والعسكرية العمومية» وتحقيق الاكتفاء الذاتي في التموين بقطع الغيار، بما يحقق مردودية لمنظومة الدفاع الجزائري، حيث تمكنت الشركة خلال 8 سنوات من إنتاج 10500 عربة، من بينها عربات قتالية وأخرى مضادة للحرائق أو مخصصة لنقل الجنود ومقطورات ناقلة للآليات وشاحنات وعتاد حربي خفيف. ومعلوم أن نفقات التسليح الجزائري من الخارج قد وصلت إلى ما بين مليار ومليار ومائتي مليون دولار سنوياً. وتتكون تجهيزات الجيش الجزائري من عتاد حربي روسي بنسبة تفوق 90 في المائة، إضافة إلى سلاح فرنسي. وإذا كانت الجزائر تبرر رفع ميزانية الدفاع بمحاربة الإرهاب وحماية الحدود، فإن مراقبين لا يهملون لعبة سباق التسلح بين المغرب والجزائر، ذلك أن طائرات ميج التي اشتراها الجيش الجزائري لا يمكن أن تُستعمل، في رأي هؤلاء، من أجل محاربة الإرهاب في الداخل ولا يمكن ان تُستعمل في الأغراض الدفاعية، بل هي أسلحة هجومية، وهو ما يهدد التوازن الإقليمي.