بتنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية، يكون المغرب قد بدأ العد العكسي نحو إحداث نقلة نوعية على صعيد البنية المؤسساتية لنظامه السياسي؛ إذ باختياره هذا التوجه المتقدم ، فإن المغرب ينخرط في إطار ما يعرفه العالم من تطورات سياسية واقتصادية والتي أصبحت تتطلب منظورا آخر للحكامة غير المنظور المركزي الذي أبان عن محدوديته وقصوره في تلبية حاجيات مختلف المناطق وكافة الشرائح الاجتماعية. بتنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية، يكون المغرب قد بدأ العد العكسي نحو إحداث نقلة نوعية على صعيد البنية المؤسساتية لنظامه السياسي، فالنظام الجهوي الموسع يعتبر، انطلاقا من مختلف التجارب التي نهجته، خيارا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا يتوخى في العمق تمكين مختلف جهات البلاد من الصلاحيات والموارد التي تؤهلها لتلبية حاجيات سكانها ومتطلباتهم والإسهام بشكل موازٍ في التنمية الوطنية الشاملة على أساس التضامن والتآزر والمساهمة في التطور العام للوطن. والمغرب، باختياره هذا التوجه المتقدم، ينخرط بذلك في إطار ما يعرفه العالم من تطورات سياسية واقتصادية والتي أصبحت تتطلب منظورا آخر للحكامة غير المنظور المركزي الذي أبان عن محدوديته وقصوره في تلبية حاجيات مختلف المناطق وكافة الشرائح الاجتماعية. كما أن إعطاء جلالة الملك لأعضاء اللجنة مهلة محددة، نهاية يونيو، لتقديم تصور عام للنموذج الجهوي المغربي بعد الإصغاء والتشاور مع الهيآت والفعاليات المعنية والمؤهلة، يؤكد أن المغرب، ممثلا في أعلى سلطة به، جاد في المضي قدما لتفعيل هذا النموذج. اللجنة الاستشارية للجهوية التي نصبها جلالة الملك أول أمس تتكون من 22 عضوا برئاسة عمر عزيمان الذي سبق أن شغل عدة مناصب آخرها سفير المغرب في إسبانيا التي رسخت منذ عدة سنوات نطاما جهويا متقدما، وهي أقرب تجربة إلى المغرب باعتبار القرب الجغرافي وأيضا باعتبار إسبانيا ثاني شريك تجاري للمغرب مع ما يشمل ذلك من روابط سياسية وتاريخية معروفة. غير أن ذلك إن كان يعني أن النموذج الاسباني سيكون حاضرا في تفكير أعضاء اللجنة، إلا أنه نموذج للاستئناس والدراسة فقط ، بالنظر إلى أن كل تجربة تبقى رهينة بسياقها الخاص، وهو ما أكد عليه جلالة الملك في الخطاب الذي وجهه بهذه المناسبة، حيث أشار إلى أنه «ندعو اللجنة إلى الاجتهاد في إيجاد نموذج مغربي مغربي للجهوية، نابع من خصوصيات بلدنا. وفي صدارتها انفراد الملكية المغربية بكونها من أعرق الملكيات في العالم. فقد ظلت، على مر العصور، ضامنة لوحدة الأمة،ومجسدة للتلاحم بكافة فئات الشعب، والوقوف الميداني على أحواله، في كل المناطق. كما أن المغرب يتميز برصيده التاريخي الأصيل، وتطوره العصري المشهود، في انتهاجا للامركزية الواسعة. لذا، يجدر باللجنة العمل على إبداع منظومة وطنية متميزة للجهوية؛ بعيدا عن اللجوء للتقليد الحرفي، أو الاستنساخ الشكلي للتجارب الأجنبية. غايتنا المثلى التأسيس لنموذج رائد في الجهوية بالنسبة للدول النامية، وترسيخ المكانة الخاصة لبلادنا، كمرجع يحتذى، في اتخاذ مواقف وطنية مقدامة، وإيجاد أجوبةمغربية خلاقة، للقضايا المغربية الكبرى». ويلاحظ من تركيبة اللجنة أنه يغلب عليها الطابع الأكاديمي، حيث تضم عددا من من الأساتذة الجامعيين والأكادميين، قاسمهم المشترك خبرتهم العلمية في الميدان، لكن اللجنة، وطبقا لمنطوق الخطاب الملكي ليست مدعوة إلى تحضير تصور نظري أكاديمي للجهوية، بل أيضا تصور سياسي وقانوني بالاستشارة و«والتشاور مع الهيآت والفعاليات المعنية والمؤهلة» وهو ما يؤكد أن مشروع الجهوية المتقدمة يجب أن يكون عصارة لمشاورات «مع مختلف المكونات السياسية والاقتصادية.... في البلاد». جلالة الملك أكد أيضا في خطابه أن من الأهداف الرئيسية للجهوية، «جعل أقاليمنا الجنوبية المسترجعة في صدارة الجهوية المتقدمة» مشددا على أن «المغرب لا يمكن أن يبقى مكتوف اليدين، أمام عرقلة خصوم وحدتنا الترابية ، للمسار الأممي لإيجاد حل سياسي وتوافقي، للنزاع المفتعل حولها، على أساس مبادرتناللحكم الذاتي، الخاصة بالصحراء المغربية». وفي هذا الإطار فقد تم تعيين عضوين ضمن اللجنة الاستشارية لهما دراية بالوضع في أقاليمنا الجنوبية، ويتعلق الأمر بكل من: محمد غرابي: والي جهة فاس بولمان وقد سبق له أن شغل منصب والي جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، وله تجربة واسعة في مجال الإدارة الترابية وخبرة قانونية وسياسية. بالإضافة إلى محمد صالح التامك: والي بالإدارة الترابية والذي سبق له أن تولى منصب والي بالداخلة. عمر عزيمان، رئيس اللجنة الاستشارية للجهوية وفي أول تعليق له على هذا الحدث ذكر أن الأمر يتعلق ب«لحظة تاريخية» مضيفا أن الجهوية المتقدمة «ورش عظيم من شأنه تعزيز المسلسل الديمقراطي في البلاد» مشير إلى أن اللجنة «التي تتكون من عدد من الشخصيات ذات الاهتمام والانشغالات المختلفة والمتكاملة، والخبرات والتجارب المتميزة، ستشرع في عملها في أقرب وقت» وذلك في «مقاربة ومنهجية تشاركية من أجل إشراك جميع الأطراف». واعتبر عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: أن «الخطاب الملكي جاء في سياق خطاب عيد العرش الذي أعلن فيه جلالته عن فتح ورش الجهوية، والذي يعد من أهم الأوراش التي فتحت في البلاد، حيث من شأنه أن يساهم في تقوية وتدعيم الديمقراطية واللا مركزية وعدم التمركز، وسيزيد في مساهمة كل الطاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في التنمية والإنتاج وخلق الثروات، كما سيساهم في تحسين الوضعية الاجتماعية للسكان» وأضاف أن «هذا القرار الإيجابي جدا سيقوي كذلك الديمقراطية التشاركية، من جميع الجوانب السياسية والاقتصادية ، ونتمنى أن تتمكن اللجنة الاستشارية للجهوية من بلورة مشروع جيد للجهوية المغربية وأن يتم وضع هذا المشروع على السكة الصحيحة ضمن الأوراش الأخرى التي تشهدها المملكة» وفي نفس الإطار، اعتبر عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال أن «الأمر يتعلق بخطاب ملكي سامٍ، هام وتاريخي، اللجنة الاستشارية للجهوية ستسعى لبلورة تصور للجهوية يستجيب لتوجيهات جلالة الملك وتطلعات الشعب المغربي، ويسير في اتجاه تقوية اختصاصات الجهات من خلال منحها موارد إضافية تمكنها من المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة». كما أكد اسماعيل العلوي الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن «القرار الملكي السامي بإحداث وتنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية، قرار صائب وحكيم، حيث أنه يستجيب لاحتياجاتنا على جميع المستويات، سواء على مستوى دمقرطة الحياة العامة، وكذا على مستوى الرد على خصوم وحدتنا الترابية. إنه قرار يعكس جرأة في اتجاه خطوات إيجابية للرد على الخصوم».