اعتقلت السلطات الأمنية بمدينة جرادة مساء الجمعة الماضية حوالي 80 شخصا، وتمت إحالة مجموعة منهم على قاضي التحقيق باستئنافية وجدة على خلفية أحداث العنف التي شهدتها المدينة. مصادر من عين المكان أفادتنا بأن الأحداث اندلعت بعد احتجاج عمال استخراج الفحم «السندريات» على تأخير تسليم مستحقاتهم، حيث عمد أحد الأباطرة إلى شراء حوالي 4000 كيس «شربون» و3700 كيس من «مسحوق الفحم» قدرت قيمتها الإجمالية بأكثر من 60 مليون سنتيم والتي يستخرجها عمال «السندريات»، أي آبار مناجم الفحم المنتشرة بمدينة جرادة بعد إغلاق مناجم الفحم رسميا، غير أن المشترين أخذوا البضاعة وأخلوا بالتزامهم في دفع المستحقات لأصحابها. وكان عمال «السندريات» الذين يشتغلون بشكل عشوائي ويعرضون أنفسهم للخطر منذ إغلاق مفاحم جرادة، قد نبهوا إلى درجة الاستغلال الذي يتعرضون له من قبل أباطرة الفحم، حيث صرح لنا أحد العمال أن الأباطرة يستغلون المناسبات الدينية والعائلية لكي يفرضوا عليهم أسعارا زهيدة مقابل كل كيس من الفحم، الشيء الذي زاد من تعقيد الأمور ودفع بالعمال إلى الاحتجاج لدى السلطات العمومية، مطالبين بتمكينهم من مستحقاتهم والعمل على الدفع في اتجاه إقرار تسعيرة منصفة وقطع الطريق على أباطرة الفحم. وأمام تجاهلهم أثناء وقفتهم السلمية قبالة مقر العمالة، حيث لم يكلف أحد من المسؤولين عناء استقبالهم والاستماع إليهم، توجهوا في مسيرة حاشدة باتجاه وسط المدينة للتعبير عن احتجاجهم بشكل سلمي قبل أن تتخللها انزلاقات تجلت في عمليات تخريب لواجهات المحلات التجارية والمقاهي والسيارات المتوقفة على جنبات الطريق، وكبدوا أصحابها خسائر مادية بفعل تكسير الواجهات الزجاجية بواسطة الحجارة واقتحام محل لبيع الأجهزة الإلكترونية وتكسير وتخريب البعض منها وإحراق بعض الأدوات المكتبية وسرقة بعض أجهزة الكمبيوتر. وحسب ما صرح به مصدر لجريدة «الاتحاد الاشتراكي»، فإن أجواء التوتر عادت من جديد صباح أول أمس، حيث خرجت حشود من المواطنين في مسيرة سلمية من حاسي بلال في اتجاه عمالة الإقليم، إلا أن قوات الأمن تدخلت وقامت بتوقيفهم أمام الورش رقم 5 وتفريقهم. يذكر أن عمال «السندريات» كانوا قد دخلوا في اعتصام مفتوح منذ أكثر من شهر بعدما عمد أباطرة الفحم المعروفون بالمدينة، قبيل عيد الأضحى، إلى تخفيض ثمن الكيس الواحد من 70 إلى 50 درهما، الشيء الذي اعتبره شباب «السندريات» «حكرة» وظلما في حقهم، خاصة وأن هؤلاء الأباطرة يبيعون ما يشترونه منهم بأضعاف مضاعفة.