يشرع قاضي التحقيق باستئنافية وجدة يوم الاثنين القادم في الاستنطاق التفصيلي لحوالي 14 شابا من مستخدمي آبار استخراج الفحم الحجري بجرادة المعروفة محليا ب«الساندريات» بخصوص التهم الموجهة إليهم «بزعزعة الأمن» وتعمد تخريب ممتلكات عامة والسطو على شركة خاصة وإحراق عدد من وثائقها. وعلمت «المساء» من مصادر مطلعة على الملف بأن الاعتقالات في صفوف المستخدمين لا تزال مستمرة، حيث تم نقل شخصين آخرين إلى قاضي التحقيق باستئنافية وجدة أحدهما قاصر والآخر يبلغ من العمر حوالي 18 عاما. وتثير هذه الاعتقالات مخاوف السكان من احتمال إلقاء القبض على أشخاص لم تكن لهم علاقة بالأحداث التي وقعت قبل أسبوع عندما هاجم مشاركون في مظاهرة احتجاجية انطلقت من أمام مقر عمالة الإقليم ممتلكات عمومية وخاصة وقاموا بإتلاف عدد منها. وقد تفجرت الأوضاع الأمنية بعدما عجز مستثمر عن سداد ديونه لمستخدمي «الساندريات» الذين باعوه كل بضاعتهم التي تتجاوز 450 طنا من الفحم الحجري بعدما علموا أن السلطات المحلية قد أعطت موافقتها للتعامل معه. واعتصم العمال بجبال المدينة، بالقرب من آبار استخراج الفحم منذ بداية دجنبر الأخير غير أن ذلك لم يجد نفعا، الأمر الذي دفعهم إلى الخروج في مسيرة احتجاجية إلى العمالة لمقابلة عامل الإقليم. وتطورت الأوضاع حينئذ بعدما تعذر اللقاء مع العامل لوجوده خارج المدينة حيث اندفع بعض الشباب وتسببوا في فوضى في أخياء المدينة المدينة وأتلفوا عددا من الممتلكات وأحرقوا وثائق وتجهيزات أحد المستثمرين بالمدينة. وأكد بعض عمال «الساندريات» في تصريحات خاصة ل «المساء» أنهم يعيشون ظروفا مأساوية بسبب توقف معظم الأشغال بآبار استخراج الفحم، وهي مصدر رزقهم الوحيد وبسبب استمرار الاعتقالات في صفوفهم. أحد الشباب الذين تم اعتقالهم بعيد وقوع الأحداث أوضح ل«المساء» بأن «ظروف الاعتقال كانت صعبة، حيث «تعرضنا للتهديد والسب والشتم، وبات كل من يعمل في الساندريات متهما حتى ولو كان بعيدا عن مسرح الأحداث كما حدث لي حيث اعتقلت من أمام منزلي». ووصف بعض المسؤولين في المدينة الأحداث التي شهدتها جرادة بأنها «نتيجة طبيعية لعدم التزام الحكومة بتعهداتها في 2001 بدمج جرادة في الاتفاقية الاقتصادية والاجتماعية، التي كان من المفترض أن تنهض اقتصاديا بالإقليم وتوفر لأبنائه بدائل حقيقية عن إغلاق المنجم، الذي كان المورد الاقتصادي الوحيد بالمدينة عام ». يذكر أن عدد المشتغلين بالساندريات يصل إلى حوالي 1500 شخص، يعملون على استخراج الفحم بطرق بدائية ودون حماية قانونية وقد لقي العشرات منهم حتفهم فيما أصيب كثيرون بكسور وجروح خطرة خلال اشتغالهم في تلك الآبار التي تنعدم فيها كل شروط الحماية. ويصل عمق بعض الآبار إلى 50 مترا ومن ثم يتتبع المستخدمون طبقات الفحم في مساحة يصل طول عدد منها إلى 40 مترا.