تفجرت الأوضاع الأمنية بمدينة جرادة بشكل مفاجئ بعدما قاد عمال آبار استخراج الفحم الحجري بالمدينة والمعروفة محليا ب «الساندريات» مسيرة احتجاجية انتهت بتكسير عدد من الممتلكات العمومية والخاصة وإتلاف وثائق أحد كبار التجار بالمدينة. وذكرت مصادر متطابقة ل «المساء» أن عشرات المستخدمين قرروا فك اعتصامهم الذي بدأ منذ بداية شهر دجنبر الجاري وتنظيم مسيرة إلى مقر عمالة الإقليم بالمدينة احتجاجا على عدم تسلمهم أموال بضاعة الفحم الحجري التي باعوها إلى رجل أعمال اختفى وكلف مدير مشروعه بالتفاوض مع المحتجين. وتحدثت مصادر متطابقة ل«المساء» عن أن الخسائر لحقت بعدد من أصحاب الدكاكين المنتشرة على طول الشارع المؤدي إلى العمالة، إلى جانب بعض المقاهي، في الوقت الذي لحق فيه الضرر الأكبر برجل الأعمال أمنون البشير، الذي تم اقتحام مقر شركته بجرادة والسطو على عدد من الحواسيب والوثائق والأوراق الخاصة، كما تم حرق أحد مكاتبه. وعلمت «المساء» من مصادر مطلعة على الموضوع شاركت في اجتماعات ماراطونية عقدت لتطويق الأزمة، أن عمال «الساندريات» يؤكدون من جانبهم أنهم تعرضوا لعملية نصب حيث تم شراء بضاعتهم التي تتجاوز 450 طنا من الفحم الحجري والتي يقدر ثمنها بأكثر من 70 مليون سنتيم غير أنهم لم يتسلموا شيئا من طرف المشتري. وبحسب المصادر نفسها، فإن الصفقة تمت عبر شركة محلية لاستغلال وتسويق الفحم وهي الشركة التي انضم إليها المشتري بصفته شريكا رئيسيا، حيث تم الاتصال بجميع مستغلي آبار الفحم المنتشرة بالمدينة لشراء بضاعتهم بثمن يصل إلى نحو 110 دراهم للكيس الواحد. وقد شجع هذا المبلغ المرتفع نسبيا عن المبلغ الذي اعتاد الباعة تسويق بضاعتهم به وهو 80 درهما على تخصيص البضاعة كلها للمستثمر الجديد الذي اكتفى بجمع أكياس الفحم وتخزينها بمقر الشركة وعجز عن تسويقها لأنه اكتشف -بحسب رواية مدير مشروعه- أن ترخيص التسويق الذي تتوفر عليه الشركة انتهت صلاحيته منذ مدة طويلة ولم يتم تجديده. بعض عمال «الساندريات» شددوا على أنهم يعيشون هذه الأيام ظروفا صعبة وأن «الذين اعتدوا على ممتلكات السكان هم بعض المراهقين الذين تسببت ممارسات المسؤولين في دفعهم إلى حد التهور. ويروج أن عدد المعتقلين تجاوز ال 40 شخصا، تم توجيه تهمة تخريب الممتلكات العمومية إلى عدد منهم مثلوا أمام قاضي التحقيق باستئنافية وجدة وينتظر تقديمهم للمحاكمة خلال الأيام المقبلة. لحسن الغالي، النائب البرلماني ورئيس المجلس البلدي الأسبق أكد أن تفجر الأوضاع بجرادة «نتيجة طبيعية لعدم التزام الحكومة بتعهداتها بدمج جرادة في الاتفاقية الاقتصادية والاجتماعية التي كان من المفترض أن تنهض اقتصاديا بالإقليم وتوفر لأبنائه بدائل حقيقية عن إغلاق المنجم عام 2001». ويضيف الغالي موضحا «المجلس البلدي دوره اقتراحي في مثل هذه المواضيع الشائكة خاصة وأن المستخدمين يعملون خارج المدار الحضري، لذلك المسؤولية تتحملها السلطات التي عليها أن تبحث عن حلول حقيقية لمشكلة جرادة والبطالة القاسية التي يعاني منها أبناؤها».