هَمٌّ واحد كان يشغل جل سكان أحياء صفيح العاصمة الاقتصادية، طيلة الأيام الأخيرة، وهو تثبيت الأسقف السكنية لأكواخهم،التي عبثت بها الرياح القوية، التي شهدتها بلادنا. من «دوار ابيه» بعين السبع إلى «دوار بولحية» بالبرنوصي، مرورا ب«كريان زرابة» وانتهاء ب«كريان سنطرال» الحي المحمدي، كان الإنهماك من طرف السكان منصبا على تثبيت الأسقف والجنابات وشفط المياه التي غمرتهم، طيلة يوم أول أمس. يقول مواطن من «دوار ابيه» كان منهمكا في إصلاح سقف كوخه:«إننا لم نذق طعم النوم طيلة هذه الأيام، بفعل التساقطات المطرية الغزيرة وقوة الرياح، من جهة، لأنها كانت تحرك كل شيء من فوقنا ومن جنباتنا، ومن جهة ثانية مخافة أن تنهار الأكواخ فوق رؤوسنا». وقال آخر:«الكريان دائما مهدد كلما تقلبت الطبيعة، وهذا شيء اعتدناه منذ ستين سنة، حتى أصبح لنا برنامج خاص يختلف عن باقي ساكنة المدينة، هناك أوقات معينة في السنة لا نرى فيها النوم، بسبب تراقص صفائح القصير التي تأوينا، وهي نفسها التي تدفعنا إلى المبيت في العراء، إذا اشتد الحر.» «كريان بولحية» بدوره لم تتوقف به حركة التثبيت والإصلاح وتجفيف مياه الأمطار به، معظم الأعين التي صادفنها، كانت متعبة جراء السهر ... ونحن نتمعن الوجوه والأكواخ التقفتنا يد سيدة في عقدها السادس، لنجد أنفسنا بعد مراوغة أزقة الدوار الضيقة داخل كوخها المتواضع، لنقف معها على كارثة الوضع بداخله، فالسيدة وأسرتها تعشيان فوق قناة للصرف الصحي، التي لا يتوقف «غضبها» في كل مناسبة مطرية، حيث تحول كوخها في مرات عديدة إلى مستنقع نتن، أصبحت الأسرة، اضطرارا، متعايشة معها، تخوض «حربا يدوية» معها. سكان هذا الدوار وغيرهم ممن زرناهم، في هذه الفترة، تكون حياتهم استثناء، كما صرح لنا العديد، فليلا يراوغون قطرات الأمطار المتسللة عبر الثقوب الفوقية، وجنبات المأوى، والرياح العاتية القادمة من كل اتجاه حاملة صفير الرعب والهلع إلى قلوب أمهات وآباء، يتحولون إلى «سدود وقائية» لفلذات الأكباد. معركة الليل مع هيجان الطبيعة، تستمر في النهار، لمحو «آثار الغضب» الذي خلفته التقلبات الجوية. ب«كريان زرابة» الذي الذي لم يخرج «النشاط البشري» فيه عن سابقيه، كان اهتمام سكانه منصبا حول كنس مجاري قنوات الصرف الصحي التي اختنقت بفعل ما حملته مياه الأمطار من ترسبات، مست عشرات الأكواخ، تدخلت معها المصالح التقنية بالمنطقة لتمديد قنوات صرف أخرى. وحسب تصريحات بعض سكان الدواوير والكريانات، فإن معظم الأكواخ المتواجدة قلب هذه التجمعات الصفيحية، هم الأكثرعرضة للضرر، لكونهم يتواجدون في منحدرات، مما يجعل كل الترسبات تستقر عندهم. حتى من له جدران إسمنتية لم يسلم من زيارة الرياح الأخيرة، ففي كريان «سنطرال»، صرح لنا مواطنون كانوا يصلحون أسقف أكواخهم، بأن الأحجار التي وضعوها لتثبيت شرائح الزنك تهاوت عليهم، مما أحدث أضرارا بمساكنهم. الرياح القوية التي عرفتها الدارالبيضاء، والتي أتت على ثلاثة منازل بالمدينة القديمة خلال هذا الأسبوع، أضافت إلى حصيلتها منزلا رابعا يوم أمس، هذه المرة بحي العيون بمنطقة درب السلطان، ويتعلق الأمر بمزل مهجور كان أصلا متداعيا للسقوط.