معلوم أن المدن الكبرى في العالم، تتبوأ موقع القاطرة في أي تطور تعرفه بلدانها ، لتليها بعد ذلك المدن الصغرى. الدارالبيضاء، وعلى غرار المدن الاقتصادية العالمية، تتبوأ الصدارة، ليس على المستوى الاقتصادي والعمراني فقط ، ولكن في بعض المظاهر التي أضحت مشاهد ثابتة في إيقاعها اليومي، لأن للدار البيضاء وضعا خاصا جدا، باعتبار أن أهم مشاريعها التنموية، حسب المسؤولين، مؤجلة إلى النصف الثاني من هذا القرن!! من بين المظاهر التي تتبوأ فيها هذه المدينة «الحداثية» الصدارة، جحافل الكلاب الضالة، فرغم أن الدارالبيضاء مدينة «حضرية» بامتياز ، في مخيلتنا فقط، فإن أعداد هذه الحيوانات التي تجوب شوارعها وأحياءها ، تفوق أعداد الكلاب المتواجدة ببني مسكين، وأولاد افرج وأحد حرارة ، ولقواسم وغيرها من المناطق القروية الشاسعة! فأينما وليت وجهك تجد نفسك أمام جحافل الكلاب الحائرة في اتجاهاتها وأخرى مستقرة حتى أمام الاقامات السكنية، وتكاد لا تخلو من وجودها أي نقطة من المدينة، بدءا بمركزها ، مرورا بأهم شوارعها ، ووصولا إلى أحيائها الشعبية. صدارة أخرى تحتلها الدارالبيضاء، تخص انعدام المراحيض العمومية، فشوارعها مرحاض مفتوح ومتاح للجميع كأي خلاء في قرية نائية، إذ تجد المارة يقضون حاجتهم أينما وطأت أقدامهم، لدرجة أن الأمر أصبح «عاديا» في الفكر الجماعي للساكنة ، التي لم تتعود وجود مراحيض عمومية لقضاء الحاجة أوللوضوء وغيره، علما بأن نسبة كبيرة من البيضاويين تعاني من داء السكري. هكذا نجد أن جنبات بعض مخافر الشرطة والفنادق المصنفة والفيلات... تحولت إلى ملاذ لقضاء الحاجة، دون الحديث عن الشوارع والممرات والأزقة! «الطوبة»، بدورها تحولت الى مقيم دائم في المدينة ووجودها في بعض المناطق أضحى «مكتسبا» مألوفا لدى الساكنة، ولم تعد تثير أي تقزز، محدثة قطيعة مع ماضي «أسلافها» ، من خلال خلق ألفة مع بني الإنسان! إذا أضفنا الى هذه السلسلة، مظاهر أخرى كالنقل بواسطة العربات المجرورة وانتشار الحمير، وغيرها ، يمكن أن نعتبرالدارالبيضاء «قرية حداثية» بامتياز، ووتيرة تطورها في اتجاه الترييف تفوق عواصم العالم الاقتصادية!