يعقد المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، مؤتمره الوطني الثالث أيام 11 و12 و13 دجنبر 2009 بمراكش تحت شعار «مامفاكينش»، وهو شعار يترجم إصرار المنتدى على مواصلة النضال من أجل التسوية الشاملة والعادلة والمنصفة لملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، الكفيلة بحماية الحاضر والمستقبل من أقدار العودة إلى ممارسات الماضي، ووضع بلادنا على السكة الحقيقية للإصلاح والتغيير من أجل الديمقراطية ودولة الحق والقانون وحقوق الإنسان. وإذا كان الحدث في حد ذاته عاديا باعتباره محطة ستمكن المنتدى من الوقوف وقفة تأمل وتقييم لما تحقق، ولما لم يتحقق من مطالب الضحايا وانتظارات الحركة الحقوقية وتطلعات القوى الديمقراطية في بلادنا، فإن اختيار المكان والزمان لعقد هذا المؤتمر يحمل العديد من الدلالات الرمزية. فمدينة مراكش التي ستحظى بشرف استضافة أول مؤتمر وطني للمنتدى، بل أول مؤتمر وطني لجمعية حقوقية وطنية، ظلت على امتداد سنوات الجمر مسرحا للعديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي راح ضحيتها العديد من الشهداء والمعتقلين والمشردين، حيث مازالت ذاكرة المدينة موشومة بجراح وآلام الماضي، وهو ما يجعل المدينة تستحق كل التكريم والتقدير وفاء لذاكرة أجيال من المناضلين الذين قدموا أروع التضحيات في سبيل إعلاء راية الحرية والديمقراطية والتقدم على ربوع هذا الوطن الحبيب. أما اختيار يوم 11 دجنبر 2009 لانطلاق أشغال المؤتمر، فهو اختيار يهدف إلى تخليد ذكرى استشهاد سعيدة لمنبهي وهي تخوض إضرابا لامحدودا عن الطعام، احتجاجا على الظروف اللاإنسانية التي عاشها المعتقلون السياسيون ضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في مختلف السجون النظامية والمعتقلات السرية على امتداد سنوات الجمر والرصاص، بدءا بالآلاف من مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية - الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومرورا بالعديد من مناضلي التنظيمات اليسارية ووصولا إلى المئات من أطر ومناضلي التنظيمات النقابية والجمعوية. ومن أجل هذه الغاية، قرر المنتدى تنظيم زيارة لقبر الشهيدة سعيدة، والقيام بوقفة رمزية تقديرا لتضحيات وعطاءات المرأة المغربية المناضلة وإجلال لأرواح شهداء معركة الديمقراطية وعلى رأسهم عريس الشهداء المهدي بن بركة الذي لايزال المنتدى مصرا على المطالبة بالكشف عن الحقيقة الكاملة حول اختطافه واغتياله، وإخفاء جثته وتقديم الجناة إلى العدالة. ونشير أيضا إلى أن المؤتمر سينعقد خلال فترة تذكرنا بمثيلتها حين التأم منذ 10 سنوات ثلة من ضحايا ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من مختلف الأجيال والمجموعات والحساسيات، وعلى رأسهم المرحوم إدريس بنزكري لتأسيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، حيث شكل هذا الحدث نقطة انطلاق لإعادة طرح ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة على طاولة اهتمامات الدولة، مما دفعها إلى تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة. كما ساهم هذا الحدث في تجميع مختلف مكونات المجتمع المغربي السياسية والحقوقية والمدنية في إطار المناظرة الوطنية الأولى حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لسنة 2001، وهي المناظرة التي أجمع فيها المتناظرون على ضرورة الكشف عن الحقيقة حول ما حدث من انتهاكات وتحديد المسؤوليات وجبر أضرار الضحايا واعتذار الدولة، ووضع تدابير عدم تكرار ما حدث في الماضي وحفظ الذاكرة. ويتزامن انعقاد المؤتمر كذلك مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته هيئة الأممالمتحدة، تخليدا لذكر إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 دجنبر 1948. هذه الوثيقة التاريخية التي تعتبر أول وأهم مرجع كوني لحقوق الإنسان التي ارتكزت عليها مختلف الاتفاقيات والبروتوكولات التي تشكل اليوم الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وأهم ركن من أركان القانون الدولي الإنساني. وتخليدا لهذا اليوم العالمي، سينظم المنتدى بمدينة مراكش يوم الخميس 10 دجنبر 2009 لقاء - مناقشة سيدور حول موضوع «مغرب بدون انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان: الاشتراطات- الضرورات- المخارج». وسيؤطر هذه الندوة ثلة من الصحفيين والجامعيين ونشطاء حقوق الإنسان وفعاليات جمعوية. وبإحياء هذه الذكرى يريد المنتدى بعث رسالة مفادها أنه منحاز لقيم ومبادئ حقوق الإنسان التي لايمكن القفز عليها من أجل إيجاد التسوية الشاملة والمنصفة والعادلة لملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تلك التسوية التي ستوفر لبلادنا أوفر الحظوظ لطي الملف وتحقيق المصالحة والتوجه نحو المستقبل بثقة واطمئنان. إن انعقاد المؤتمر الوطني الثالث للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف في هذه الظرفية التي تمر منها بلادنا يفرض على المؤتمرين التعامل بالجدية والمسؤولية اللازمتين من أجل التقييم الموضوعي والشجاع لمسلسل تسوية ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من أجل اتخاذ ما يناسب من المواقف والقرارات، ولكن كذلك من أجل تقييم أداء المنتدى وإعادة النظر في العديد من القضايا والمواضيع والممارسات المرتبطة بتدبير المعركة التي يخوضها من أجل ضمان توفير الشروط الكاملة للتسوية الشاملة والعادلة والمنصفة والنهائية لملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.