يرى مصطفى المانوزي، الكاتب العام للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، أن تأجيل المؤتمر الوطني الثالث للمنتدى راجع إلى الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والجهوية، موضحا أن الملف الحقوقي مازال متعثرا بسبب محدودية سلطة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وعجز الحكومة عن تفعيل التوصيات * لماذا دعوتم إلى عقد مؤتمركم الثالث في هذا الظرف بالذات؟ وهل للظروف الداخلية التنظيمية علاقة بالتوقيت؟ ** المؤتمر سينعقد أيام 11 و12 و13 دجنبر 2009، وسيصادف تخليد ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ كان من المفترض أن ينعقد في ماي من السنة الجارية غير أن الإعلان عن تنظيم الانتخابات الجماعية والإقليمية والجهوية كان له تأثير على تأجيل المحطة إلى التاريخ المحدد أعلاه. وبالتالي فالأمر لا يتعلق باختيار ظرف معين، ولكن الأمر يتعلق باحترام مدة الولاية المحددة قانونا في ثلاث سنوات. أما في ما يخص الظروف الذاتية التنظيمية، وإن لم أفهم المقصود من سؤالك، فإن المنتدى لا يعيش أية أزمة داخلية. * يشاع أن المنتدى بدأ يعرف تقلصا على مستوى جماهيريته وإشعاعه إلى درجة أن اللجنة التحضيرية تقدمت باقتراح تعديلات تدعو إلى الانفتاح على فعاليات من خارج مجموعات الضحايا، وهناك تفكير في تحديد مدة الاشتغال إلى ما بعد سنة 1999. فهل هذا صحيح؟ ** فعلا، هناك عدد كبير من الضحايا فقدهم المنتدى بسبب الوفاة وهذا سبب طبيعي، بل إن الوطن هو الذي فقدهم بالأساس باعتبار حسهم الوطني وقيمهم الديمقراطية. أما المنتدى فهو مجرد تعبير عن مطالب وإرادات كان من المفروض أن تتبنى من قبل المجتمع المدني والسياسي، وبالتالي فنحن لا نشتغل بالجماهيرية. أما التعديلات، فإنها تروم فقط الانفتاح على المجتمع عبر أطره الحقوقية والمتخصصين في الاجتماع والتاريخ والطب والتنمية، لأنه لا يعقل أن يشتغل الضحايا على قضاياهم الخاصة بهم والمجتمعية أيضا، وكأن الشأن غير عمومي. أما التفكير في تمديد الاشتغال على الفترة ما بعد 1999، فهذا غير مطروح في الأمد المتوسط مادامت القضايا ما بين 1956 و1999 لم تستنفد بعد في المعالجة والتفاعل. وإذا كان لابد من الاهتمام بالفترة اللاحقة، فإن ذلك لن يكون إلا من باب التقييم ورصد مؤشرات ونتائج تفعيل تدابير عدم تكرار ماجرى من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. * ألهذا السبب رفعتم شعار «مامفاكينش» في مؤتمركم الثالث؟ ** الشعار تعبير عن إرادة قوية داخل أجهزة المنتدى تصر على تفعيل تدابير عدم التكرار، فقد لاحظنا تراجعا على مستوى حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تمسكنا بتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي نعتبرها التزاما سياسيا لأعلى سلطة في البلاد، رغم أنها لا تشكل سوى ثلث مطالب حركة الضحايا والمنظمات الحقوقية، وعلى الخصوص سؤال الحقيقة والاعتذار والمساءلة. * في ما يخص المساءلة، أين وصل المنتدى بالنسبة لهذا المطلب؟ ** أولا، أذكر بأننا في المنتدى نشتغل في إطار التسوية السياسية التي تفرض علينا أن نتعامل إيجابيا مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان كإطار استشاري للملك، لأن التقرير بالتوصيات الصادر عن هيئة الإنصاف والمصالحة كان بالنسبة لنا التزاما للدولة التي عجزت لحد الآن عن تفعيل بنوده. وفي نظري إن المساءلة المتطلبة واقعا والممكن أن نتوافق عليها كمنتدى، يضم مئات المجموعات والفئات المختلفة المطالب والمتنوعة القضايا والمشاكل، هو مساءلة الدولة في شخص المسؤول السياسي وليس المسؤول المدني كما يحاول البعض الإحالة عليه من أجل طي صفحة الماضي بمجرد الإعلان عن صدور التقرير أعلاه والدعاية له بالخارج. * إذاً أنت تقصد الملك؟ ** طبعا، لأنه هو المعني الرئيسي بطي صفحة الماضي عبر الحقيقة والإنصاف، لأن الدستور والواقع اليومي يؤكد أن الملك هو المشرع والمنفذ في البلاد وباقي المؤسسات تشتغل بالتفويض، لذلك ينبغي أن نحسم بصراحة وبكل جرأة ونزاهة فكرية في مسألة المخاطب، حيث ترفع إليه المطالب مباشرة في إطار البديهيات، وإلا ما معنى أن يصادق الملك على التوصيات ويعطي الأوامر بتفعيلها. وهنا أحذر من مغبة تجاهل هذا المعطى الحقوقي الحاسم كمدخل لبناء الثقة ورد الاعتبار لمصداقية وعود الدولة والتزاماتها. * إذاً، ما هي رهاناتكم في محطة المؤتمر الثالث؟ ** للأسف، كان بودنا أن نحمل إلى المؤتمرين مستجدات، ونزف إليهم بشرى تقدم الملف الحقوقي، لكن وعلى إثر اللقاء الأخير الذي جمعنا بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان برئاسة الأمين العام تبين أن التعاون في ما بيننا لم يرق بعد إلى مستوى الشراكة الحقيقة، وبالتالي مازالت هذه الهيئة تحرص على تجاهل تعاوننا الإيجابي على أساس أننا مجرد وسيط ينقل الهموم ليس إلا، وبالتالي مازالت الملفات العالقة تعيش البطء والتدرج الممل، الشيء الذي يؤكد محدودية سلطة المجلس، بالإضافة إلى عجز الحكومة كجهاز تنفيذي مفترض فيه تفعيل التوصيات. والأمر من هذا أن الأحزاب السياسية في حاجة إلى تعبئة مستمرة من أجل تبني فعلي لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة كحد أدنى مرحلي مشترك لأي إصلاح ولأي انتقال منظور. وفي جميع الحالات، فرهاننا الأساسي من المؤتمر الوطني الثالث المزيد من التأمل والتقييم من أجل إبداع أشكال جديدة للمرافعة وإجبار الدولة على تنفيذ التزاماتها وواجباتها. لأن الحقيقة والإنصاف قضية مجتمعية، وبالتالي فشعار «مامفاكينش» شعار يصرخ به كل مواطن حر يرفض تكرار ماسي الماضي الأسود الأليم. عن الوطن الآن http://www.alwatan-press.info/def.asp?codelangue=23&id_info=4734&date_ar=2009-12-13 12:30:00