عبر الكثير من الصحافيين عن استيائهم إزاء ما وصفوه بالانتقائية في اختيار الأماكن لمتابعة الدورة التاسعة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش مساء الجمعة الماضي حيث وجدوا أنفسهم في الطابق العلوي الذي لا يتيح لهم الفرصة لتتبع الحفل بشكل يسمح لهم بالقيام بمهامهم المهنية في أحسن الظروف، واستغربوا هذا الأسلوب متسائلين عن المقاييس التي اعتمدها المنظمون في اختيار مواقع النجوم والصحافيين. والواقع أن هناك تراتبية مقصودة، فالصحافيون المحليون في المؤخرة من خلال وضعهم في الطابق العلوي رغم أن أغلبهم يمثل الصحف الوطنية في حين وضع الصحافيون القادمين من مراكز بعض الصحف الوطنية في الطابق الثاني بينما كانت كل الحظوة للصحافة الأجنبية التي يبدو أن المنظمين يعيرونها الاهتمام الكامل وبعدها الطوفان. نفس الشيء ، طال الفنانين المغاربة، فرغم مرور الكل على السجاد الأحمر والاستسلام لعدسات المصورين عبر طقوس خاصة وافتعال ابتسامات لكل واحدة تعابيرها ومغازيها، فالمعايير لم تكن واضحة المعالم فيما يتعلق بالأماكن التي وُضعوا فيها، ويكفي أن رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح الممثل المقتدر عزيز موهوب علق في الطابق العلوي بعيدا عن منصة الاحتفال بينما حظي الآخرون بمواقع شرفية في هذا الحفل الافتتاحي. إلى ذلك ، صرح بعض المسرحيين المراكشيين ل «الاتحاد الاشتراكي» انهم فضلوا المكوث في المقاهي المجاورة لقصر المؤتمرات بدل ولوج ردهات المهرجان، معتبرين أن هذا المهرجان لم يضف أي شيء للعمل السينمائي في المدينة الحمراء ، بل ذهب بعضهم إلى اعتبار هذا المهرجان فرنسيا يحتل موقعا على ارض مراكش من أجل فعل سياحي بدل الفعل الفني والثقافي,, وكباقي الدورات الماضية لم يهتم مهرجان مراكش بمثقفي المدينة من مفكرين وأدباء وشعراء من أمثال عبد الرفيع جواهري وأية ورهام ومحمد زهير ومليكة العاصمي وأحمد طوليمات وغيرهم.. ، مع العلم أن في الدول الأخرى يتم الاهتمام بالمثقفين من روائيين وقصاصين وشعراء ومفكرين باعتبار أن المهرجانات السينمائية تعد فعلا ثقافيا بالأساس وبالتالي فحضور المثقف ضروري لإنجاح هذا الفعل. الزمن وحده كفيل «إن القيمة الحقيقية للأفلام لا تقاس بقرار لجنة التحكيم وإنما بأحكام النقاد» ، جاء ذلك في كلمة رئيس لجنة تحكيم الدورة التاسعة للمهرجان المخرج الإيراني عباس كيارو ستامي، خلال حفل الافتتاح ، وأضاف: «إن الزمن وحده هو الكفيل بالحكم على مدى بقاء هذه لأفلام واستمراريتها. وأكد أن قرارت لجنة التحكيم من الصعب أن تخلو من المعاير الذاتية والتقييم الاعتباطي». فيلم «امرأة بدون بيانو» .. على المستوى الفني انطلقت بقصر المؤتمرات صباح اليوم الثاني من المهرجان المسابقة الرسمية التي يتنافس فيها 15 شريط ، بعرض الفيلم الإسباني « امرأة بدون بيانو» للمخرج خافير ريبولو . و يحكي قصة امرأة متزوجة ليس لها أصدقاء و لا حياة اجتماعية مستنفذة وقتها في العناية بأسرتها . روزا الشخصية الرئيسية في الشريط فقدت جاذبيتها و تعيش تحت وطأة إحساسها بذبول جمالها و فقدانها الثقة في نفسها . و بفضل السيناريو المحبوك الذي كتبته لولا مايو خافير ريبولو و الأداء المذهل للفنانة الشهيرة كامين ماكي و الرؤية الجمالية للمخرج خافير ريبولو حظي شريط « امرأة بدون بيانو « باستحسان كبير من قبل النقاد و المتتبعين لفعاليات المهرجان و اعتبر انطلاقة فنية جيدة لهذه التظاهرة و علامة على حسن اختيار اللجنة المكلفة بانتقاء أفلام المسابقة . أما الشريط الثاني الذي عرض في إطار المسابقة بعد ظهر يوم السبت فقد مثل خيبة أمل كبيرة للجمهور . يتعلق الأمر بفيلم « إذا صمد أحدهم يتبعه الآخرون « للمخرجة الفرنسية الشابة ليا فيهنر و هي من مواليد أكتوبر 1981 . ورغم اقتناصها لفكرة طريفة تقوم على تقاطع ثلاث مسارات متناقضة لامرأتان و رجل بفضاء السجن ، إلا أن الإيقاع الرتيب للشريط و التوظيفات التقنية غير الموفقة و البناء غير المسبوك للسيناريو أنهك الجمهور الذي لوحظت انسحاباته المتوالية من قاعة العرض قبل نهايته . و توالى يوم الأحد عرض أفلام المسابقة بتقديم الشريط المكسيكي « شمالا» لمخرجه ريكوبيرطو بيرزكانو و بطولة الممثل هارولد طوريس . و يحكي قصة رجل يحل بالحدود الشمالية للمكسيك بهدف العبور إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية . و خلال محاولاته المتكررة يكتشف مدينة تخوانا و صخبها . بمرور الوقت المستهلك في انتظار الفرصة للعبور يعاوده الحنين للذويه و لصداقاته . و في مساء نفس اليوم تم عرض الشريط المغربي الوحيد المشارك في المسابقة « الرجل الذي باع العالم « للأخوين سهيل و عماد النوري و تشخيص الممثل سعيد باي و فهد بنشمسي و أودري مانراي و لطيفة أحرار و حسن مضياف حكيم النوري و مجدولين و سامية برادة . و تجري وقائع الشريط المقتبس من رواية قلب ضعيف لدوستوفسكي ، في مدينة مجهولة ببلد مجهول به معالم حرب لا تنتهي . و يعول المتتبعون كثيرا على فيلم الأخوين النوري لانتزاع إحدى جوائز المهرجان لمحو معالم التاريخ الفارغ للمشاركة المغربية التي كانت دائما تخرج خاوية الوفاض في الدورات السابقة.