الدار البيضاء – يتطرق الخبير الاستشاري في قطاعي البنوك والتأمينات بباريس، السيد كمال الزين، في هذا الحوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، لمستقبل وآفاق المالية الخضراء بالمغرب ومكانتها ضمن الإنعاش الاقتصادي في مرحلة ما بعد كورونا. 1. يطمح المغرب إلى التموقع كقطب في مجال المالية الخضراء. إلى أين وصل هذا الطموح ؟ التزم المغرب منذ سنوات في مجال التنمية المستدامة. وتترجم مبادرة تنظيم مؤتمر (كوب 22 ) بمراكش سنة 2016 والمساعي المتواصلة لبلوغ حيادية الكربون بحلول 2050، هذا التوجه. من ضمن الأمثلة التي تجسد بوضوح انخراط المغرب في هذا التوجه، تعدد المشاريع في قطاع الطاقات المتجددة، التي من المرتقب أن تنتج أكثر من 50 بالمائة من الطاقة الكهربائية بالبلاد في أفق 2030. تمويل هذه المشاريع تم في جزء منه بفضل إصدار "سندات خضراء" مثلا. كما التجأت الأبناك المغربية إلى التمويل الأخضر عبر قروض متعاقد عليها لدى منظمات تمويل أوروبية ودولية. وهو ما مكن أيضا من تمويل المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة لوضع أو تعزيز استراتيجيتها للنجاعة الطاقية ومواكبة إدماجها في الاقتصاد المحلي والإقليمي. 2. ما هي آفاق التمويل الأخضر بالمغرب، لاسيما في السياق الحالي المتسم بأزمة كوفيد-19 ؟ اقرأ أيضا: المكتب الوطني للسكك الحديدية يعقد مجلسه الإداري عبر النظام الرقمي للتداول بالفيديو بالنسبة للمالية الخضراء بالمغرب، تشكل أزمة كوفيد-19 محركا لتوجه قائم أصلا منذ عدة سنوات. هذا التسريع يمكن أن يرتكز على محورين : – الادخار : ينبغي توقع ارتفاع الادخار في المالية الخضراء لأن الآثار البيئية والسوسيو- اقتصادية ستتحكم أكثر فأكثر في اختيارات الاستثمار. ويظل هذا الارتفاع مشروطا بوضع منتوجات للادخار مكيفة من طرف الأبناك، بالإضافة إلى حوافز ضريبية لزيادة الطلب على مستوى أسواق رؤوس الأموال ورؤوس أموال الاستثمار، لاسيما بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة. – نسبة المخاطر، والمردودية والالتزام المسؤول: مع انخفاض مردودية التوظيفات المالية الكلاسيكية والاهتمام المتزايد بالاقتصاد المستدام والشمولي، يمكن أن تشكل المالية الخضراء بديلا بالنسبة للمستثمرين الباحثين عن مصادر جديدة لعائدات الاستثمار. شهية المستثمرين للمنتوجات والتوظيفات المالية التي تندرج في إطار المالية الخضراء قد تدفع المقاولات المغربية للانفتاح أكثر على منتوجات مالية لم يسبق استعمالها أو قليلة الاستعمال مثل السندات الاجتماعية والمستدامة. 3. ما هي المكانة التي ستحتلها المالية الخضراء في عملية الإنعاش الاقتصادي خلال مرحلة ما بعد كوفيد ؟ فرضت أزمة كوفيد-19 إعادة التفكير بشأن أنماط الإنتاج والاستهلاك. فاليوم يهدف الشركاء الاقتصاديون الرئيسيون للمغرب، لاسيما الاتحاد الأوروبي، إلى التوجه نحو التنمية الخضراء. وقد ركز مخطط الإنعاش الاقتصادي الأوروبي البالغة قيمته 750 مليار أورو على أهمية خلق "ثروات خضراء" لتسوية القروض المتعاقد عليها من طرف الدول الأعضاء. وأبرزت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أن الأولوية ستمنح لتمويل مشاريع التنمية المستدامة التي تندرج في إطار تقليص انبعاثات الكربون واحترام التنوع البيولوجي. الاقتصاد المغربي مدعو إذن للاندماج في سلاسل الإمداد الجديدة التي تجعل من الإنتاج البيئي والمسؤول منحى أساسيا لها. وهذا ما سيشكل أيضا إضافة على مستوى التنافسية من شأنها الإسهام في تجاوز بعض الحواجز التجارية المحتملة كضريبة الكربون. اقرأ أيضا: أزيد من 14 ألف مستفيد من عملية الدعم الغذائي "رمضان 1441" بإقليم الحوز وفي الختام، يمكن أن تضطلع المالية الخضراء بدور مهم في تعزيز رؤوس الأموال الخاصة للمقاولات المغربية، التي تعاني من نقص حاد في رؤوس الأموال، من خلال المشاركة في رأسمال المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة التي تستجيب للشروط البيئية، وبذلك فإن الاندماج في الاقتصاد الأخضر مستقبلا ستكون له آثار إيجابية على مستوى التنافسية وخلق فرص الشغل بالمغرب.