"نعم لقد قتلوا الأطفال.. وكانوا يعتقدون أن الشعب ليست له ذاكرة، أو أنها مفزوعة بقمعهم ولن تغامر بالتذكر.. هكذا، عن سبق إصرار وترصد، أطلقوا الرصاص الحي على الأطفال والمراهقين المتظاهرين في 20يناير 1984 بمدينة بركان.. سقط الطفل الأول.. اسمه محمد بكاوي، وعمره 11 سنة.. حمله أخوه الأكبر بين ذراعيه لعله ينقذه.. تكالب عليه جنود بالضرب بأعقاب بنادقهم.. لم يصمد طويلا، وانحنى ليضع جثة أخيه على الأرض. أمره صوت ألا ينحني، أن يترك الجثة تسقط... كتب أنس مزور (رئيس تحرير صحيفة المصباح) أطفالنا ..السؤال ا أخجل من نفسي حين أصادف من يطرح السؤال.. ما الذي قمنا به من أجل أطفالنا؟ فإذا كنا نسمح لأنفسنا بمعاتبة الأجيال التي سبقتنا على ما فعلوه، أو بالأحرى ما لم يفعلوه من أجلنا قبل أن نأتي إلى الوجود.. لماذا لم يوفروا لنا ما نحتاجه لضمان كرامتنا؟ ألم يكن بوسعهم تدبير خلافاتهم بالشكل الذي يفسح المجال أمامنا لبناء تنمية أفضل لمجتمعنا؟.. أظن أنه من حق أبنائنا أن يعاتبونا بدورهم.. فما عسانا أن نقول لهم؟ أريد أن أصدق أن أبناءنا سينعمون بنظام جهوي متطور يسمح لهم بتدبير شأنهم العام بشكل شفاف.. يراقبون من يصرف المال العام, ويختارون من يحسن عملية اقتسام الثروة بالعدل.. لكني حين قرأت ما كتبه المناضل عبد الحق بنعبد الله بصفحته على "الفايسبوك" خجلت من نفسي أكثر.. لأن السؤال أصبح بدواخلي لا يقف عند حدود ما الذي نفعله من أجل أطفال الغد.. وإنما يتجاوزه إلى السؤال عما نفعله لأطفال الماضي القريب وأطفال اليوم .. "نعم لقد قتلوا الأطفال.. وكانوا يعتقدون أن الشعب ليست له ذاكرة، أو أنها مفزوعة بقمعهم ولن تغامر بالتذكر.. هكذا، عن سبق إصرار وترصد، أطلقوا الرصاص الحي على الأطفال والمراهقين المتظاهرين في 20يناير 1984 بمدينة بركان.. سقط الطفل الأول.. اسمه محمد بكاوي، وعمره 11 سنة.. حمله أخوه الأكبر بين ذراعيه لعله ينقذه.. تكالب عليه جنود بالضرب بأعقاب بنادقهم.. لم يصمد طويلا، وانحنى ليضع جثة أخيه على الأرض. أمره صوت ألا ينحني، أن يترك الجثة تسقط دون أن ينحني.. أذعن وأطلق الجسد المضجر بالدماء ليسقط على الأرض من علو أكثر من متر، كأي كيس دقيق تافه".. فما الذي يجب أن نتذكره بالجهة التي تضم بركان.. ومثله بباقي الجهات؟ "مات الطفل محمد بكاوي، وشيعت جنازته يوم الأحد 22 يناير بمقبرة المصلى بمدينة بركان. .وبعد دقائق من الانتهاء من دفنه صدح صوت ضمير مستنكر أن اللهم هذا لمنكر.. كان الجنود يسيجون المقبرة. وكانت هذه الصرخة ذريعتهم ليطلقوا النار على المشيعين عشوائيا، فيسقط الطفل الثاني، أحمد يعقوبي، ويصاب العديد بجروح متفاوتة الخطورة، حيث تم مداهمة المقبرة، ويلقى القبض على من لم يستطع الإفلات بجلده، ومنهم من وجد هناك صدفة، وأصدروا بحقهم أحكام وصلت إلى عشر سنوات سجنا.. ومنعت عائلة الشهيد أحمد يعقوبي من دفن ابنها بمسقط رأسه، فاضطرت إلى دفنه بمقبرة الشهداء بوجدة، وتحملت لستة وعشرين سنة عناء السفر 120 كلم للترحم على روح فقيدها".. مرت 26 سنة على ما وقع ببركان.. لكن ما وقع للطفل إلياس المجاطي الذي اختطف وسجن بالمملكة العربية السعودية بصحبة والدته, قبل أن يقتل والده وأخوه في اشتباكات بين عناصر القاعدة وقوات الأمن شمال الرياض, حين تسلمته المخابرات المغربية من احتجاز بمعتقل سري وتعذيب نفسي.. وربما جسدي لا يزال طريا.. وينتظر أن يصدر القضاء حكمه في القضية التي رفعتها والدته ضد الدولة المغربية يوم 16 فبراير المقبل، موضحة أن طفلها اختطف وتعرض للتعذيب بمعتقل تمارة السري ما بين 20 يونيو 2003 و17 مارس 2004 وهو لا يتجاوز وقتها 10 سنوات ونصف من عمره. قد يكون إلياس حالة معزولة.. لكن آلاف الأطفال المحاصرين بجبال الأطلس ليسوا كذلك.. فإذا لم نضمن لأطفالنا، بغض النظر عمن يكون آباؤهم، الحق في الحياة والحق في السلامة البدنية والعقلية.. فلا داعي للحديث عن باقي الحقوق..