يعتبر المغرب الوجهة المفضلة للسياسيين الفرنسيين لقضاء عطلهم،سيما عطلة الاحتفالات برأس السنة.و هناك من اعتبر ذلك "موضة سياسية" جديدة في أوساط النخبة السياسية الفرنسية،إلا أن الإعلامي و المحلل السياسي يوسف التسوري أرجعها إلى عوامل محددة تشجع هؤلاء لزيارة هذا البلد. باريس بوعلام غبشي أصبح المغرب الوجهة المفضلة لقضاء العطل،وعلى رأسها عطلة رأس السنة، لمجموعة مهمة من السياسيين الفرنسيين،على غرار مواطنيهم الذي يشكلون الأغلبية ضمن مجموع السياح الذين يزورون هذا البلد،حتى أن البعض أصبح يتحدث اليوم في خضم هذه الأجواء،عن كونها "موضة جديدة" انتشرت عند الطبقة السياسية الفرنسية. و يوجد على رأس هؤلاء السياسيين،الذين اختاروا المغرب وجهة لهم لقضاء عطلة رأس السنة،الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي،رفقة زوجته كارلا بروني،و ذلك في مكان فضل هذه المرة قصر الإليزي التكتم عليه،عكس السنة الفارطة التي قضى في نفس الفترة منها عطلته بفيلا ملكية غير بعيدة عن مراكش تعرف "بالجنان الكبير". و هناك شخصية أخرى تقضي عطلتها برياض يعود إلى ملكيتها بمراكش،الأمر يتعلق بمدير بنك النقد الدولي دومينيك ستروسكان و زوجته آن سانكلير.و كما هو معروف،فاسم هذا القيادي في الحزب الاشتراكي تتداوله الأوساط الإعلامية بكثرة هذه الأيام،حيث تعرضه استطلاعات الرأي فائزا في حالة تقدمه ضد ساركوزي في الرئاسيات القادمة. و من جانبه،ظل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك رفقة عقيلته برناديت وفيان لعادتهما في زيارة المغرب،خصوصا في مثل هذه المناسبات،إذ يقصدان أحد الفنادق بمدينة تارودانت.و يعرف شيراك بعلاقته الخاصة مع الأسرة الملكية في المغرب منذ عهد الحسن الثاني،حتى أن صحيفة اسبانية لم تستسغ هذه العلاقة و تهكمت على طريقتها من سيد الإليزي السابق. و من الأسماء الأخرى التي تتردد على المغرب كثيرا ولها ارتباط خاص به،لأنه يجسد مرحلة ما في حياتها،هناك الوزير الأسبق دومينيك دوفيلبان الذي ولد في العاصمة المغربية الرباط،إريك بيسون وزير الصناعة و الطاقة و الاقتصاد الرقمي الحالي،و الذي قضى جزء من عطلته الصيفية الأخيرة بمدينة طنجة رفقة زوجته التونسية،ياسمين ترجمان،حفيدة الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة. و كان وزير الدولة السابق في حكومة فيون،جان لوي بورلو،زار،قبل التعديل الحكومي الأخير،المغرب للاستجمام،رفقة زوجته الصحافية بالقناة الثانية الفرنسية،بياتريس شوينبيرج،بعد إبعاده من الحكومة. اختيار فردي و ليس "بموضة سياسية" لماذا إذن يقع اختيار المسؤولين السياسيين الفرنسيين على المغرب كوجهة لقضاء عطلهم؟.هذا السؤال طرحته إيلاف على الإعلامي و المحلل السياسي يوسف التسوري،الذي استبعد أن يكون ذلك مرتبط "بموضة سياسية" في أوساط السياسيين الفرنسيين. و قال التسوري "توجه السياسيين الفرنسيين إلى المغرب لقضاء عطلهم هو اختيار فردي،له مبرراته،نظرا للعلاقات الجيدة التي تربط باريس و الرباط،و لعامل القرب الجغرافي الذي يمكن المسئولين السياسيين من العودة السريعة إلى العاصمة الفرنسية في حالة حدوث أي طارئ،و الاستقرار الذي ينعم به المغرب،ثم الطقس الجميل و المتنوع الذي يعرف به". و إن كان المغرب يستفيد من هذا النوع من الزيارات،رد يوسف التسوري بالإيجاب،موضحا أن هذه العطل "لا تخلو من لقاءات خاصة مع مسئولين مغاربة في مربع الحكم،ما يسفر عن مشاريع صفقات أو اتفاقيات"،و ذكر التسوري بنوعية العلاقات التجارية التي تجمع بين فرنسا و المغرب،و كانت صفقة "ثي جي في" المهمة بين الطرفين مثالا صارخا على ذلك. العطلة فرصة لاستجماع القوة لخوض المعارك السياسية المقبلة يرى بعض المراقبين أنه بعيدا عن العلاقات الفرنسية المغربية،يستثمر السياسيون الفرنسيون مثل هذه العطل المغربية في استجماع قوتهم للانطلاق في مرحلة جديدة،تخص مشاويرهم السياسية.و ينظر إلى مدينة مراكش خصوصا أنها بمثابة "القاعدة الخلفية" لخوض غمار معارك سياسية جديدة. و في هذا السياق تردد أن نيكولا ساركوزي مقبل على مرحلة حساسة و حاسمة في حياته السياسية،و هي مناسبة بالنسبة له لأن يعد العدة لمواجهة العام المقبل بإيقاع آخر استعدادا لرئاسيات 2012،سيما أن سنة 2011 ستوضح الرؤية أكثر إن كان له أمل حقيقي في البقاء بقصر الإليزي أم لا،بالنظر لنتائج استطلاعات الرأي التي لا تخدم طموحه في أن يقود رئاسة فرنسا لولاية ثانية. و الأمر يختلف بالنسبة لدومينيك ستروسكان،مدير بنك النقد الدولي،الذي لم يحسم بعد في اختياره إن كان سيخوض غمار سباق الإليزي المقبل أم لا،علما أن استطلاعات الرأي تقدمه فائزا بامتياز في حالة منافسته لساركوزي. و ستكون عطلته المراكشية فرصة بالنسبة له لتجميع القياديين الاشتراكيين في رياضه الخاص،لرسم أفق مرحلته القادمة،و التي لا تعنيه لوحده،بل تعني حزبا بأكمله صعب عليه،منذ سنوات،تجاوز الخلافات الداخلية و الغوص الفعلي في مشاغل المواطن الفرنسي.