نصاب بعجزِ الوصف خجلا واحتراما من أن نبخس الموصوف حقه، وأصعب اللحظات تلك التي تصيب أقلامنا عندما نبدأ الكتابة للمغربِ العشق المتفرد من نوعه، للمغرب العظيم، أرضا وشعبا ، للمغرب الذي طالما احتضنَ الحب المتدفقِ فينا، وأطفأ الوجعَ الملتهب فينا ولملمَ جراحنا وسقانا الشهدَ لنحيا كغيرنا أناسا طيبينَ .. أعلنا هذا الحب مرارا وتكرارا وليس أصدق من الإعلانَ سوى الممارسة الفعلية للحب، والشعور به، فما قيمة القول إن لم يفعل به، وما قيمة الإحساس إن لم نلمسه فعلا، ونحن كفلسطينيين ومن خلال تجربتنا المتواضعة بشكل مباشر مع الأشقاء المغاربة الذين دائما وأبدا ما كانوا عنوانا طاهرا وعفيفا لقيمة الحب الإنساني الغير متكلف والغير مشروط، الحب الذي لا يعرف قيودا ولا حدودا أبدا .. يعانق السماء ويطلق العنان للفرح أن ينتشر في كل الأرجاء .. إن وجودنا كفلسطينيين في المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات، كضيوف شرف للدورة الخامسة، بمثابة الحلم الوردي الذي لم يخطر لنا على بال، ولكن كرم المغرب وشعبه العظيم، أعطانا هذه البشارة لنكون حقا موجودين بإنتاجنا السينمائي الهاوي، المنتج من قبل شباب غزة المبدعين رغم الحصار، ورغم قلة الإمكانيات المادية والمعنوية، والذين انطلقوا عبر بوابة الملتقى السينمائي الفلسطيني "بال سينما" الذي احتضن موهبتهم ودعمهم بأبسط الإمكانيات، والتي ربما غابت تمام في بعض الأوقات، إلا أن الفكرة والهدف اتحدا ليشكلا سويا هذا المنتج البصري الراقي الذي يعكس صورة حضارية عن شعب فلسطين وعن غزة، ليحلق عاليا ويجد مسكنه ومرتواه في أرضِ الإبداع والإبهار السينمائي المغرب عروس أفريقيا .. انتابني فرح شديد وأنا أمسك بيدي الكاتالوج الخاص بالمهرجان، والذي أحضره معه المخرج الفلسطيني فايق جرادة، بعد عودته من مشاركته بمهرجان خريبكة، وأنا أقلب صفحاته وأرى صورا لأفلام هواة غزة، ومخرجيها الشباب الرائعين يزينون صفحات هذا الكاتالوج، واشتعلت هذه الفرحة عندما رأى أصدقائي المخرجون صورهم وأفلامهم في قلب صفحات الكاتالوج، أدركنا حينها ان مجهوداتنا لم تضع سدى، وأن شغفنا وحبنا للسينما وللصورة سوف يحمل أحلامنا للتحقق لا محالة، ما دام من خلفنا شعب عريق وعظيم كشعب المغرب المعطاء .. كان يوم السابع من إبريل من هذا العام، يوما استثنائيا حيث عرضت فيه بانوراما أفلام هواة فلسطين في مهرجان سطات، وتلاها بيوم ندوة حول أفلام الهواة الفلسطينية، نوقش فيه المنتج البصري الذي عرض في المهرجان، وتم نقده بشكل بناء وإعطاء دروس كبيرة ساهمت بشكل كبير في رفع مستوى العمل الفني والاستفادة من التجربة السينمائية المغربية في تطوير السينما الفلسطينية لتواكب التطور العالمي وتصبح أكثر مسئولية وفاعلية . عشرة أفلام من غزة، حملت رسالة الوطن المنكوب، حملت أمال وطموحات شعب يعاني الاحتلال والحصار والانقسام، حملت رسالة حب وسلام لكل شعوب الأرض، حملت إصرار وقدرة شعب على العيش وخلق الحياة من الموت .. ولم يكن المهرجان الوطني لفيلم الهواة في سطات المحطة الوحيدة لتواجد الفلسطينيين سينمائيا في المحافل والمهرجانات السينمائية المغربية فحسب، بل تبعه ذلك مشاركة فيلم "مضيف الشهداء" للمخرج الفلسطيني ابن غزة فايق جرادة، والذي شارك في مهرجان خريبكة للأفلام الوثائقية، وهذا يعتبر حدثا فريدا من نوعه للمخرج، حيث يشارك للعام الثاني على التوالي في مهرجان خريبكة، حيث شارك العام الماضي بفيلمه "دوشة" وهاهو يعود للمغرب الحبيب هذا العام مرة أخرى. وكأن الأحداث تعيد نفسها، ولكن بفيض كبير من الحب والتقدير والاحترام، فحجم الحفاوة والكرم والاحترام الكبير الذي أغرق به شعب المغرب العظيم المخرج فايق جرادة، يكاد يعجز اللسان عن وصفه، أي حبٍ هذا الذي يحمله المغرب لفلسطين وشعبها، أي قلب هذا الذي يتلألأ مع كل نفس راحل من المغرب لفلسطين، وأي شغفٍ هذا الذي ربط أواصل المغرب بفلسطين، من الوريد للوريد .. س ولو أفنينا الأقلامَ جميعها وأعجزنا البلاغة اللغوية لنخترع أبجديةً للحب تخص المغرب، لن نوفيها حقها أبدا .. لذا .. سلامٌ على المغربِ سلام .. يا شعب الحب والوئام .. رائد اشنيورة خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة