يكفي أن تكتب كلمة "حب" على محرك البحث الشهير "جوجل"، فتتوالد آلاف الآلاف من المواقع الإلكترونية، التي تفوح بعبق الحب، وبأريج وروده، ودفء كلماته، التي تجعل الممنوع مباح. وفعلا، إن هذا الحب، كما قال أحد الأصدقاء، شعور جميل، لكن أعراضه مقرفة، تجعلنا نتصبب عرقا، ونتردد، ونستمتع بأحلام اليقظة، ونبدع الشعر، ونكتب قصصا نصبح أبطالها الخرافيين.. فنحب حتى يحترق الحب ولا تعود للكلمات أي معنى ولا قيمة، تصدح الأغاني التي تتلقف كلماتها قلوب العاشقين، كما تلوي إبداعات الكتاب أفئدة العذارى. بكل بساطة إنه الحب... فمرحبا بالعاشقين في مملكته الموقرة. الأولوية لحب الله حلمي، من تونس، 23 سنة، يرى أن الحب هو شعور نبيل يجمع بين شخصين، لكن أسمى أنواعه هو الحب الإلهي، لأن هذا الأخير هو سبب لأنواع الحب الأخرى، يضيف حلمي، فمن الصعب الظفر بحب الله، فالبوديون يرون أن حب المرأة هو عبادة بينما نحن كمسلمين نرى أنه مودة ورحمة، ليس في الأمر انتقاصا من المرأة بل العكس صحيح، ولهذا يصح القول إن الأولوية هي للخالق، لأننا لو أحببناه بصدق، أدركنا كيفية الوصول إلى قلب المخلوق. /"حبّ الصْغُر" رضا، الذي يرى أنه كان "ضحية" حب فاشل، قال إن الحب شيء صعب المنال، لأن مسألة الثقة انعدمت تقريبا، ولأن طبيعة الإنسان تغيرت كثيرا، "أول مرة بغيت فيها كنت مازال صغير"، فحب الطفولة أو المراهقة يكون استثنائيا، لأنه، حسب رضا، يكون نابعا من القلب دون حواجز، ودون تفكير في متى، وأين، ولماذا. الحبْ فيهْ وفيه أمال، مستخدمة، صرحت، في سابقة من نوعها، أنها لا تؤمن بالحب، لكنه "ولف" فقط، لا أقل ولا أكثر، في تعريفها النمطي للحب. لم تواصل أمال نقاشها معنا، بدعوى أنه موضوع تافه، لكن بين طيات تعليقها نستخلص أنها تبدي شعورا سلبيا اتجاهه، وعلى كل حال فالحب "فيه وفيه". نزار، صحافي، يرى أن الحب هو شعور من حق الزوجة فقط، لاغير، ويضيف "عمّرني بغيت شي وحدة، الولف آه كاين، ولكن الحب غادي نقلّب عليه ف مراتي". نظرة نزار إلى الحب يجد الآخرون أنها حب من نوع خاص، لأن ليس بالضرورة يخفق القلب لمن سيكون شريك الحياة. "كلماتنا في الحب تقتلنا إن الحروف تموت حين تقال"، بهذه الكلمات أبدع شاعر المرأة نزار قباني في وصف الحب، ومشاعره المتدفقة الرنانة، لأنه ليس فقط إحساسا جميلا يغمرنا، لكنه أعمق من ذلك. شادية، 30 سنة، في تصريحها ل "المغربية"، قالت إن الحب بالنسبة إليها هو أساس الكون، لكن تأسفت على تلاشيه، في هذا العصر، كما أضافت أنها عاشت قصة حب جارفة، كانت المسافة والبعد فاصلا فيها، "كنا بعاد على بعضياتنا وهاكذا الحب تيموت بشوية بشوية". أغلب حالات الحب الحقيقي، التي نتطلّع إلى تحقيقها تحول المسافة دون وجودها، بل إن البعد قد يقتل الحب شيئا فشيئا، كما صرح بذلك البعض، ولكن نسيان أو تجريد ذلك الحب من صيغته الحقيقية يتطلّب الكثير. قالوا في الحُب "بْغيني نْبغيكْ غيرْ وْلاّعة وكلامْ يغْرَقْ ف بيرْ ودْنيك ويعُودْ ضْبابَة وحْلام، محبّة اللْسان ماكافْية محبّة القلبْ ماشافْية"، كثيرة هي الكلمات التي تثأر في وجه الحب، وتخدمه كالجارية مع السيد. فالحب، كما قال أحد الحكماء أخذ وعطاء، "هاك وآرا بلا حزارة"، "في الحب يوم لك وأيام عليك"، "يوم عسل وشهور بصل". فدوى، 29 سنة، أم لطفلة، قالت ل "المغربية"، إنها عاشت قصة حب توجت بالزواج، وبإنجاب طفلة جميلة. بالنسبة إلى فدوى، الحب شيء جميل، شرط أن تتوفر أركانه جميعها، أولها التفاهم والانسجام، ثم التضحية، ثم الصبر، والاهتمام، إلى غير ذلك... حب " فايسبوكي" أمين، 30 سنة، قال إنه أحب فتاته عبر الانترنت، وبالتدقيق في موقع الدردشة "م س ن"، فأصبح يحبها كثيرا خصوصا أنّها مغربية و"كازاوية"، كما قال مازحا، "صحيح أنني لم ألتق بها بعد مرور 3 سنوات على ارتباطنا، لكنها ليست مشكلة كبيرة". ويدحض البعض فكرة وجود حب افتراضي عبر مواقع الدردشة، كما أبرزت ذلك نادية، التي قالت إنه لا وجود لحب افتراضي، "صحيح أنه لدي أصدقاء كثر في النت ولكن هذا ليس حبا"، كما أضافت أنها أحبت عند دخولها دهاليز "الشات" شخصا، تبين لها في ما بعد أنه متزوج ولديه أبناء، "ومن ثمة، حرمت على نفسي أن أحب شخصا افتراضيا". "أول ما أجوتاتني ف الفايسبوك شفت صورها وعجباتني وتلاقيتها وولات من داك النهار حبيبة ديالي"، هكذا، صرح يوسف، 25 سنة، طالب ومستخدم في الآن نفسه، الذي رأى في الحب الافتراضي مسارا لحب حقيقي لم يحس به أبدا في حياته. ورغم كل ما يمكن أن يقال، يبقى الحب إحساسا جميلا يغمرنا ويضعنا في أصعب المواقف، كما في أجملها . فكلمة " نبغيكْ ما فيها لا لعب لا مزاح، ماشي كلمة تقولها بالتلماح، كلمة نْبغيكْ قولْها بنيّة وتْلاحْ".