افتتحت، مساء أمس السبت بمداغ (إقليمبركان)، فعاليات الدورة الثالثة عشرة للملتقى العالمي للتصوف، الذي تنظمه مؤسسة الملتقى بشراكة مع الطريقة القادرية البودشيشية تحت شعار "الثقافة الصوفية والمشترك الإنساني: ترسيخ لقيم الحوار والتعارف". وتتوخى هذه التظاهرة، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بحث الأصول والثوابت التي يستند إليها المشترك الإنساني واستجلاء أبعاده وقيمه، لا سيما من خلال الآفاق الواسعة التي يمنحها التصوف في هذا المجال. كما يسعى الملتقى، من خلال الندوات العلمية التي يؤطرها باحثون ومختصون من المغرب وخارجه، إلى الإسهام في تعزيز قيم التعايش والتكامل من أجل بناء مجتمع إنساني يسوده السلم والتفاعل والاحترام والانفتاح في ظل القيم الإنسانية المشتركة. ومن خلال المحاضرات والندوات والموائد المستديرة، تروم هذه التظاهرة إبراز دور التصوف في ترسيخ ثقافة الحوار والتعارف وتفعيل مبادئ المشترك الإنساني، بما يزخر به الموروث الصوفي من نماذج تجسد مبادئ التسامح والمحبة ونبذ العنف والتعصب والكراهية. وفي افتتاح هذه الفعاليات، قال مدير الملتقى منير القادري بودشيش إن هذه التظاهرة أضحت محطة بحثية وأكاديمية واعدة ومتميزة بفضل ما تنتجه من مجال خصب لتلاقح الأفكار وتبادل الخبرات ووجهات النظر حول كبريات القضايا التي تهم الواقع المعاصر. وأوضح أن اختيار "المشترك الإنساني" موضوعا لهذه الدورة توخى تسليط الضوء على القيم الإنسانية المشتركة "التي لها أن ترجع الدفء لعلاقاتنا الإنسانية وتقدم رؤية يحدوها التفاؤل بهذا الشأن". وأضاف أن الملتقى يفتح المجال أمام الباحثين والمختصين للإدلاء بمقترحاتهم البحثية في هذا الموضوع، بما يساهم في استثمار الانفتاح على التنوع والاختلاف لتدبير وإغناء ونشر ثقافة التكامل والائتلاف. من جانبه، أبرز الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عبد الله بوصوف، في كلمة بالمناسبة، الحاجة إلى تمثل هذه القيم الكبرى بوصفها ضرورة إنسانية لا محيد عنها، لأن كينونة الإنسان مرتبطة بهذه القيم، التي يمثلها التصوف أحسن تمثيل. وأضاف أن الثقافة الصوفية تحمل بطبيعتها هذه المعاني، من قبيل التسامح والعطاء والتعايش والقبول بالآخر، لافتا إلى أن هذه الثقافة تفتح أمام الإنسان أفقا واسعا حيث تبرز القيم المشتركة بين بني الإنسان. وأكدت مداخلات باسم الوفود المشاركة أن التحديات التي تواجه الإنسان في عالم اليوم تستوجب إفشاء قيم الحوار والتعارف والتعايش، بما يفضي إلى تمتين أواصر التفاهم والتقارب بين الناس، مبرزة، في هذا الصدد، الدور الذي اضطلع به التصوف في التقريب بين الشعوب وترسيخ ثقافة الحوار ونشر قيم التسامح والمحبة. وأضافت أن تنظيم هذه التظاهرة يندرج في سياق الإسهام في تعزيز قيم المشترك الإنساني واستثمارها في بث روح الحوار والتعارف، مؤكدة أن المغرب مثل – بفضل ما عرفه من تميز لهذه الثقافة – نموذجا رائدا في بث روح التسامح والتعايش وترسيخ قيم الحوار والتعارف. وتبحث هذه التظاهرة، التي تتواصل إلى غاية 20 نونبر الجاري، محاور متصلة بموضوع الثقافة الصوفية والمشترك الإنساني من حيث الأبعاد الدينية، والأصول والتجليات، وقيم الحوار والتعارف، وتحديات التعايش والتعاون، والأبعاد الاقتصادية والتنموية، والمعاني الفنية والجمالية، فضلا عن قضايا أخرى ذات صلة. إلى ذلك، سيتم على هامش هذا الملتقى إقامة فعاليات "الجامعة المواطنة" في دورتها الثانية و"القرية التضامنية" في دورتها السادسة. ومن الأنشطة المقترحة في هذا الصدد، دورات تدريبية لفائدة فعاليات جمعوية يؤطرها خبراء في مجالات التنمية. وستقدم، بالمناسبة، جوائز لحاملي أفضل مشاريع مقاولات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وسط مشاركة مكثفة للعديد من التعاونيات والجمعيات من جهة الشرق، وفق ما أفاد به المنظمون.