كان فضولي متأججا بعد الخسارة المذلة لريال مدريد في حديقة الأمراء أمام باري سان جيرمان برسم أول جولة من بطولة أندية أوروبا للأبطال.. .. النادي الملكي يستسلم.. السطوة الملكية تتشتت مع أمراء الحديقة.. فجأة.. نبتت الأهداف الباريسية على وجه الإسبان كالتجاعيد.. وتأكد أن الريال يحتاج إلى كل هرمونات العالم لتجديد هذه الشيخوخة الصارخة.. كان الرئيس بيريز يلامس هذا الذبول منذ فضل ملء خزينة النادي على حضور ونجاعة كريستيانو رونالدو وباعه لليوفنتوس.. وعندما فكر سريعا بدا له في الأفق رجل الانقاد السريع.. زين الدين زيدان.. كانت حجته تجربته السابقة وثلاثة تتويجات قزاحية.. وفتح مغارة علي بابا.. جبال اليورو من اجل جلب كتيبة جديدة من المبدعين.. وقدم له الحلم.. ولكن الذي يراود كيليان أمبابي.. والبرازيلي نيمار.. وبوبغا.. ومستعد لمفاوضة الشيطان.. لا يرغب سوى في جلب عاصفة.. تدمر كل أحلام باقي أندية القارة العجوز .. .. وعندما فتح زيدان الخزائن.. أخفى الآخرون كل الكنوز.. لم يأت بوغبا لأن الثعلب الانجليزي مانشيستر يونايتد ألغم كل جحوره لتعطيل البحث عن كنزه.. ولم يأت أمبابي الذي قال عنه الأسطورة بيلي إنه يشبهني.. لأن إغراء دولار البترول كان أكثر إثارة من اليورو هذه المرة.. ورقص نيمار على كل الحبال.. وكان أشطر من كل التجار اللبنانيين في عرض بضاعتهم.. ماذا يفعل زيدان.. لقد بنى له الإعلام الرياضي الأوروبي والعالمي قصورا من الزمرد والمرجان.. وهو أقوى من الإعلام السياسي في أوروبا.. وأنجع.. الناس قد لا تصدق.. فتشك.. وعندما تشك هي قريبة من التصديق.. فتتحول الاشاعة إلى يقين.. اضطر زيدان لتأجيل حلمه فقد شيد بنيانا بأعمدة وأسقف متعددة.. لكنه في النهاية وجد نفسه أمام ما عنده.. أمام ريال لم يحقق شيئا ما بعد حقبة رونالدو.. وجد نفسه أمام فريق يعترف جمهوره وإدارته أنه في حاجة لإعادة بناء.. حتى الساحر البلجيكي إدن هازارد الذي وافق زيدان أن يدفع فيه أكثر من 100 مليون يورو لنادي شيلسي الإنجليزي لم يستطع أن يلوح بعصاه فلابد له من آخرين يوزعون البخور ويتلون التراتيل.. لم يكن كافيا.. وانشغل زيدان وأبعدته المفاوضات عن زرع فكره التكتيكي حتى فاجأته الصدمة.. كالصاعقة .. .. كنت أتحرق شوقا لمعرفة رد الفعل لهذه الخسارة المذلة.. فهي أطلت وفق عطاء ماسخ.. أمام فريق يفتقد لكل قوته الهجومية.. غاب كافاني وغاب أمبابي وغاب نيمار.. غاب ثلاثة فسجل الباريسيون ثلاثة.. صحيفة "الماركا" و"اأس" وصحيفة سبورت.. و.. و.. وتركز الانتقاد جدا.. جدا.. على التقنيات.. قالت أكبر صحف إسبانيا.. بعد 578 مباراة لريال مدريد لم يحدث أبدا أنه لم يسدد ولو كرة واحدة للمرمى؟ لم يخض الإعلام الإسباني في مضمون خطة اللعب ولا في أخطاء وضعف بعض اللاعبين ولا في تدبير زيدان التكتيكي.. بل إن زيدان نفسه لم يتحدث بعد المباراة سوى عن شيء واحد وهو الحدة.. ولعل تفسير الحدة يوازي الصرامة وربما الشراسة في اللعب.. وهو أمر يدعو للغرابة.. لقد تحدث الإعلام الأوروبي عن غياب التسديد وقد يكون في المعرفية الأوروبية هو الخطوة التي تسبق وتعمق اللعب.. وتحدث زيدان عن الحدة وهو يعرف أن الأندية الأوروبية – المسالمة – لا تذهب بعيدا.. وتصورت لو أن ريال مدريد فريق مغربي.. كيف كان إعلامنا سيتعامل مع الحدث وكيف كان أي مدرب سيفسر ذلك.. .. لم يطالب أحد برأس بيريز لأن الأمور الإدارية والمالية وتدبير شأن النادي على ما يرام.. وهو أمر عادي وضروري أن يكون تدبيرا سليما وليس إبداعا.. طالبوا بإقالة المدرب.. وهو الأمر الأكثر شيوعا في العالم.. وهو يتعلق بالإبداع .. المبدعون العلماء في مصنع ما هم الذين يجتهدون ويطورون.. وعندما يتحقق النجاح ينسب لهم وليس لقسم المحاسبة في المصنع وليس لأدارة المصنع.. حسن التدبير نعم.. ولكن للإبداع حسابات أخرى .. وعندما يرأس الجامعة رجل من قلب وزارة المالية.. فهو رجل أرقام وفوق راسنا خصوصا وأن الجامعة أصبح لها فلك يدور حول الملايير لذلك لابد لها من مبدع أرقام.. لكن كرة القدم تحتم الإبداع قبل الأرقام.. ولو أنها تنجح بقوة المال وضخامة الأرقام لسيطرت أمريكا على كل كؤوس العالم ولحقب متعددة . لابد من مبدع لاعب.. مبدع مدرب.. وأيضا من تدبير سليم.. وعندنا لا يلتقي عندنا أي إبداع بأي تدبير.. وعندما لا يلتقيان.. لا يجتمعان فإن الإعلامي الرياضي المغربي ينتقد كل شيء.. أي شيء.. فالاعوجاج في كل شيء.. أحيانا يهرب منه التخصص.. ليظل إعلام – البوليميك – هو المنتصب..