في العشرين من شهر يوليوز الماضي أصدرت محكمة بجبل طارق أمرا يقضي بأن تبقى حاملة النفط الإيرانية "غريس1" شهرا آخر رهن الاحتجاز بمياه مضيق جبل طارق، وهو ما يعني أن التمديد سينتهي، نظريا، في العشرين من شهر غشت الحالي، لكن من الأكيد أن ناقلة النفط ستستمر لوقت أطول بكثير في المضيق. غير أن قرار تمديد الاحتجاز، صار عبئا كبيرا، ليس على ميناء جبل طارق فحسب، بل أيضا على البلدان المجاورة للصخرة، المغرب وإسبانيا، بالإضافة إلى مئات المركبات المائية التي تعبر المضيق، الذي يعتبر الأكثر حركية من بين كل المضائق البحرية في العالم. ولا تبدو الحكومة الإسبانية مسرورة بقرار بريطانيا حجز ناقلة النفط البريطانية، على اعتبار أن هناك نزاع شرس بين إسبانيا وحكومة جبل طارق حول حدود المياه الإقليمية، حيث وجهت حكومة مدريد اتهامات مباشرة لحكومة المستعمرة البريطانية بكون عملية الحجز تمت في المياه الإسبانية. وتنظر حكومة مدريد بقلق إلى استمرار عملية الحجز، خصوصا في ظل التوتر المتصاعد بين لندن وطهران بعد حجز إيران لناقلة نفط تحمل العلم البريطاني واقتيادها إلى المياه الإيرانية، وهو ما يشي بكون لعبة "البينغ بونغ" بين مضيق هرمز ومضيق جبل طارق ستستمر إلى أجل غير مسمى. وفي الوقت الذي تبدو الحكومة الإيرانية مرتاحة في عملية احتجاز ناقلة النفط البريطانية، نظرا لشساعة مياهها البحرية ولعدم وجود نزاع دولي حول حدود المياه الإقليمية والدولية في مضيق هرمز، فإن حكومة مضيق جبل طارق تبدو مرتبكة في ظل استمرار احتجاز السفينة الإيرانية في مساحة بحرية ضيقة ومتنازع على سيادتها مع جارتها الإسبانية. ومما يضعف موقف الحكومة البريطانية هو أن السفينة الإيرانية احتجزت في منطقة تعبرها أعداد قياسية من السفن كل يوم، ويتميز، أيضا، بوجود تيارات بحرية خطيرة، كثيرا ما تسببت في مشاكل جمة لسفن عملاقة. كما أن صخرة مضيق جبل طارق لا تتوفر على ميناء كبير يسمح لها باحتجاز ناقلات النفط العملاقة، حيث عادة ما يتخلص هذا الميناء بسرعة من السفن الكبيرة، رغبة في فسح المجال أمام سفن جديدة، وهو ما دفع حكومة الصخرة إلى محاولة توسيع الميناء، في ظل احتجاجات متواصلة للحكومة الإسبانية. كما يتعرض مضيق جبل طارق باستمرار لرياح هوجاء توقف فيه الملاحة بشكل شبه كامل، وهو ما سيعرض السفينة الإيرانية على مشاكل حقيقية في حل هبوب رياح "الشرقي" القوية. غير أن أسوأ واقع تعيشه صخرة جبل طارق هو أنها عادة ما تستقبل غواصات نووية معطوبة تابعة للأسطول البريطاني، أو لحلف الأطلسي، وهو ما يثير قلقا جديا للبلدين المشرفين على المضيق، إسبانيا والمغرب. وكثيرا ما تعرضت الحكومة المحلية لجبل طارق لانتقادات حادة بسبب استضافة مينائها لغواصات نووية معطوبة، وهو ما انضاف إليه حاليا حجز ناقلة نفط عملاقة ممتلئة بأزيد من مليوني برميل من النفط الخام، وهو ما يعني أن مضيق جبل طارق صار لغما حقيقيا، لا أحد يدري متى سينزع فتيله.