من المؤسف أن تشهد الساحة السياسية الفلسطينية مواقف من بعض قيادييها التي تثير تساؤلات عميقة حول الولاء والاحترام للعلاقات التاريخية بين فلسطين والمغرب. فالمغرب، الذي لطالما وقف إلى جانب القضية الفلسطينية بكل ما أوتي من قوة، وقدم دعمه الثابت على مختلف الأصعدة، يواجه اليوم مواقف صادمة من بعض هؤلاء القياديين الذين يبدون نكرانًا للجميل ويبتعدون عن مبدأ التضامن. تتجلى هذه المواقف بشكل واضح في التصريحات التي تروج لأيديولوجيات قديمة عفا عنها الزمن، والتي لم تعد تلائم الواقع الجيوسياسي الذي نعيشه اليوم. فبعض القيادات الفلسطينية يبدو أنها لا تعي، أو تتجاهل، أن مواقفها الحالية تتناقض مع مصالح الأمة العربية ككل، وخصوصًا في ما يتعلق بوحدة أراضي المغرب وسلامة قراراته السيادية. لقد كانت المملكة المغربية دائمًا في طليعة الدول الداعمة لفلسطين، سواء على الصعيد السياسي أو من خلال المساعدات الإنسانية والمشاريع التنموية. من خلال هذه المواقف الثابتة، كان المغرب يعبر عن التزامه بالقضية الفلسطينية بشكل واضح، مما يجعله واحدًا من أقوى حلفاء الشعب الفلسطيني في العالم العربي. لكن التصريحات الأخيرة لبعض القياديين الفلسطينيين تعكس انحيازًا غير مبرر، وتكشف عن مشاعر نكران للجميل قد تكون لها تبعات سلبية على العلاقات بين البلدين، بل وبين فلسطين وبقية دول العالم العربي. هذه التصريحات تمثل أيضًا نوعًا من النفاق السياسي، حيث يتم تبني مواقف سياسية في بعض الأحيان لا تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، بل تحرف الأنظار عن القضايا الحقيقية التي يجب أن تركز عليها القيادة الفلسطينية. في حين أن العديد من الدول العربية تستمر في دعم القضية الفلسطينية في مختلف المحافل الدولية، نجد أن بعض القيادات الفلسطينية تتبنى مواقف تتناقض مع هذا التوجه، مما يطرح تساؤلات حول دوافع هذه المواقف وأهدافها. وفي الوقت نفسه، تثير هذه التصريحات الجدل حول مدى قدرة القيادة الفلسطينية على تجاوز أيديولوجيات قديمة، والتركيز على التعاون الذي يعود بالفائدة على القضية الفلسطينية. فالتنسيق العربي ليس فقط من أجل فلسطين، بل من أجل المستقبل المشترك لجميع الدول العربية. إن المواقف التي تروج لها بعض القيادات الفلسطينية اليوم تساهم في إضعاف التضامن العربي، وتخلق فجوة بين فلسطين والدول التي طالما كانت حليفة لها. في هذا السياق، تزداد الحاجة إلى إعادة النظر في أولويات القيادة الفلسطينية وتوجيه جهودها نحو تعزيز الوحدة بدلاً من الانزلاق في صراعات جانبية تعيق التقدم نحو الحلول الحقيقية. يبدو أن القيادات الفلسطينية التي تتبنى هذه المواقف في "عالم آخر" تحتاج إلى إعادة تقييم مواقفها والعمل من أجل تعزيز التضامن والعودة إلى المصالح المشتركة التي تجمعنا جميعًا.