يشتغل العبودي، كخياط للألبسة الأمنية والعسكرية منذ سنوات عديدة، بمحل يقع بمنطقة تدعى "الكزا" بالرباط. هو أب لثلاثة أبناء، في عقده الثامن، يُعرف في حيه كأقدم خياط للملابس الأمنية، امتهن حرفة الخياطة منذ صغره، إذ اشتغل بمحل تعود ملكيته إلى يهودي مغربي يدعى "أندري أوحيا"، بحي حسان، حيث تعلم على يده أسرار هذه المهنة. يقول العبودي، في تصريح لموقع الدار، إنه بعد وفاة مشغله اليهودي، قرر فتح محل للخياطة بالمدينة القديمة بالرباط، لينطلق كمحترف في المجال. ويتابع العبودي بابتسامة "كبرت أولادي من هاد الحرفة وسافرت بها العالم والحمد الله"، مسترسلا "فضل هذه المهنة عليا وعلى أولادي لا يمكنني أن أنساه". خياطة الألبسة العسكرية تتطلب الدقة والتركيز يقول العبودي، "خياطة الألبسة العسكرية تتطلب الدقة في المقاسات وهامش الخطأ غير مسموح، لأن الزبون يجب أن يغادر المحل وهو راض، وهذا هو هدفي الأول والأخير" . يسترسل العبودي، "من أجل حرفة الخياطة ومواصلة النجاح، ضحيت بصحتي، إذ أعاني من ضعف البصر، لكن بالمقابل منحتني الكثير، إذ وفرت لي تربية وتعليما جيدا لأبنائي". يتابع الخياط العبودي حديثه، "أجريت عملتين جراحيتين على عيناي، ورغم تحذيرات الأطباء للتوقف عن مزاولة المهنة، أصررت على المواصلة والحضور كل صباح لفتح هذا المحل، مبرزا "أي واحد في سني سيفضل الجلوس في البيت أو الاصطفاف على كراسي المقاهي، لكن حبي لهذه المهنة وعدم توفري على تقاعد يدفعاني إلى الاستمرار فيها. حبه لمهنته جعله يتشبت بها رغم ضعف إقبال الزبائن يعود بنا العبودي إلى سنوات ولّت، موضحا "في السبعينات والثمانينات، كان الإقبال على المحل بالعشرات، وكنت لا أجد حيزا من الزمن لأخذ قسطا من الراحة، أما الآن أستقبل زبونا واحدا في الأسبوع، ويغيب عنك العشرات في الشهر". حبه لهذه المهنة جعله يتشبث بها رغم الإقبال الضعيف عليها، متأسفا "رغم أن أجور الضباط ورجال الأمن ارتفعت مقارنة بالماضي، إلا أنهم لم يعد يفضلون إعادة خياطة ملابسهم العسكرية". ويختم العبودي قوله "الأمر راجع إلى المنافسة، فظهور الشركات الخاصة التي أصبحت تشتغل في هذا المجال، جذبت إليها زبائن كثر، ولكن الحمد لله على كل شيء، مازالت أشتغل بالنشاط نفسه، ولا أنكر جميل هذه المهنة عليا ".