في ليغانيس الواقعة في ضاحية مدريد، اتحد ممرضو وأطباء المستشفى الجامعي في المنطقة في إصرارهم على مقاومة فيروس كورونا المستجدّ الذي يحاصره والتغلب على الوباء، يجمع بينهم "الشعور بأن كل شيء ينهار". يقول خورخي ريفيرا المتحدث باسم مستشفى سيفيرو أوتشوا الجامعي الواقع على بعد أكثر من عشر كيلومترات من العاصمة الإسبانية، "إنه الخراب وليست نهاية العالم. سنتغلب عليه". وسجّلت إسبانيا السبت عدد وفيات قياسياً جديداً خلال 24 ساعة بلغ 832 ما يرفع الحصيلة الإجمالية إلى 5690 وفاة، نصفها تقريباً في منطقة مدريد. ويضيف المتحدث في اتصال هاتفي إذ لا يُسمح للصحافيين بالدخول إلى المستشفى "ما أراه هنا، هو قوة العاملين. بين الحين والآخر، لا يمكن أن نحبس دموعنا، لأننا 'في خندق' المعركة ضد هذا الفيروس، لكن لدينا أيضاً خبراء نفسيين يساعدوننا في تحمّل هذا العبء العاطفي، بين الضحك والبكاء". في ليغانيس، إحدى المدن الإسبانية التي تضمّ أكبر عدد من المتقاعدين، 21% من السكان البالغ عددهم 200 ألف نسمة، تتجاوز أعمارهم 65 عاماً. ويشير خورخي ريفيرا إلى أنه "ربما هذا أحد أسباب هذه الأعداد من المصابين المسنّين"، من دون التمكن من إعطاء عدد الوفيات المسجّل في المستشفى. والأسبوع الماضي، أظهر مقطع فيديو صوّر في مستشفى ليغانيس وشوهد آلاف المرات على وسائل التواصل الاجتماعي، أسرّة مصطفّة في الممرات وقسم الطوارئ مكتظاً بالمرضى. ويقول المتحدث "إن قسم الطوارئ يستقبل في هذه الأوقات أكثر بثلاث مرات من المتوقع". في القاعة التي كانت تُستخدم لإعادة التأهيل وتمّ تحويلها إلى وحدة استشفائية الآن، ترتدي فانيسا غيلن وهي ممرضة تبلغ 41 عاماً، بزة واقية "للدخول إلى قسم وُضع فيه المرضى المصابون". وتروي عبر الهاتف "عندما يموت المرضى وحدهم، في العزل، يؤلمنا ذلك كثيراً كممرضين إذ إننا معتادون على دمج العائلة في الرعاية". وتضيف "نحاول مثلاً أن نقرأ للمرضى رسائل تلقوها. أحياناً، عندما يكون المريض قد أمضى وقتاً طويلاً من دون رؤية أقربائه، نسمح له برؤية أحدهم، حسب معدات الوقاية المتاحة التي عليهم أن يرتدوها أيضاً". وتتابع أنه مقابل هذا "التوتر الجسدي والعاطفي الكبير، نتبادل التشجيع والدعم أثناء تبديل الفرق. نضحك قليلاً لدى سماع نبأ جديد. لكن لدي زملاء يحتاجون بعد الخروج من المستشفى، للبكاء لوقت قصير في سيارتهم أو أثناء الاستحمام". – رياضة أمام الشاشات في المستشفى – يُفترض أن يبدأ جنود هذا الأسبوع بنقل مرضى من هذا المركز الصحي إلى مستشفى ضخم في الريف أنشأه الجيش في مركز مدريد للمعارض، أو إلى فنادق تمّ تحويلها إلى مستشفيات. وتعتزم منظمة "أطباء بلا حدود" أيضاً استقبال الحالات الأقل خطورة في قاعة للرياضة جُهزت بنحو مئة سرير، قرب مستشفى ليغانيس "لتخفيف الاكتظاظ" فيه. ويقول الطبيب سانتياغو دو لا فوينتي (33 عاماً) المتخصص في إعادة التأهيل، "حضّرنا برنامج تمارين بدنية نبثّه عند الساعة 12,00 و17,00 على القناة التلفزيونية الداخلية في المستشفى" معرباً عن حرصه على إيقاظ "حيوية" المصابين بكوفيد-19 الذين سيبقون معزولين لفترة طويلة في غرفهم. وحتى هو نفسه لا يمكنه الدخول كثيراً إلى القسم المخصص للمصابين بالفيروس ويقول "لدينا عدد قليل جداً من معدات الوقاية. كلما قلّ استخدامها، كان ذلك أفضل". ويلخّص دو لا فوينتي ما يسيطر على النفوس منذ تفشي الوباء وعزل إسبانيا في 14 مارس بالقول إنه "الشعور بأن كل شيء ينهار وعندما أقول كل شيء يعني كل شيء: ليس فقط النظام الصحي لكن أيضاً المجتمع والعلاقات الاجتماعية، بما أنه لم يعد هناك مباريات كرة قدم ولا عروض مسرحية ولم يعد بالامكان الخروج إلى الشوارع". ويتابع "كل ما نعرفه ينهار مثل منزل من ورق. إذاً ما يجب أن نفعله هو إعادة بناء المنزل، سينهار أربع أو خمس مرات، لكن ينبغي إعادة بنائه من جديد". ويؤكد المتحدث باسم المستشفى الذي لديه الكثير من الأمثلة على أجواء التضامن المسيطرة، أن "الجالية الصينية قدّمت ثلاثة آلاف قميصاً للعمل" و"سائقو سيارات النقل الخاص قدّموا سبعة آلاف عبوة مياه" بالإضافة إلى أن نادي كرة القدم جمع مبلغاً قدره 200 ألف يورو للمستشفى… أما بالنسبة للعاملين، فهم يشعرون بأنهم متحدون أكثر من أي وقت مضى، بحسب الممرضة فانيسا غيلن التي تقول إنهم مثل "العجلات التي لا تعمل جيداً إلا مع بعضها". المصدر: الدار أ ف ب