على سطح منزلي يقترب الغيم من وحدتي ليغوص بلذة في جوف الريح أتأمل جسدي الذي ينصهر مع قطرات الليل لأنني أعرف بأن الذاكرة وهم وأن الصباح طبل أجوف أكتفي بالاستسلام لقلقي بمجرد ما خلعت مساميرا صدئة من ثغر اسمي ظهرت لي الحديقة مرتاحة على كفي واحتكت بظهري نهايات كنت قد نسيتها عمدا في غرف حماقاتي لأنني رسمت الغياب نسرا يضع نظارات شمسية وفككت أزرار النسيان بأصابع واثقة وجلست على كرسي برجل واحدة يفنجنني الضوء وتسخر مني الملامح سأغسل وجوه الضياع بمناديل متسخة ببقع الشك وسأخنق وجه المدينة حتى تتوغل السنابل في الضجيج أيتها الألوان الشريدة تذكَري عرينا الملتصق بجدار الوجع كنا نبصق على رابطة عنق مشبوه فرحين ومنطلقين كالنسيم و رؤوسنا الصغيرة مليئة بفراغ لذيذ وظلالنا منطلقة تملأ الدروب مصابيحا مشتعلة بماء البياض فلتحذري أيتها الرغبات المتوارية خلف النافذة فروحي المغردة متواطئة مع الشرفة والستائر الشاحبة تتربص بصبر عظيم مرور الفجر لترتكب مجزرتها الفاتنة شاحب هذا المساء أختلط بخلاصات الليل المدعوك كأعمى يتحسس بأصابعه التائهة أعضاء الكون لم أعد أثق في الحلم الغادر لم أعد أخطط لرسم سكك للفجر هناك بين المتاهة والغيمة أبني وطنا من دخان وأحلق بأجنحة معطوبة لأمكنة ممزقة لا أبصر أمامي سوى نجوم شريدة تضاجع بقايا نيزك لقيط لا أبصر أمامي سوى مراكب فقدت شهية الموج كانت الرياح ملهمة والرسائل مصطفة كجيش مرت جنازة قصيدة في جوف نورس فانفجرت ضحكا مثل أرجوحة ترقص أناملي فأتقمص نسيما عابر لأهمس في أذن الروح... شاحب هذا المساء انحناءات مقابر لشاعر مجهول خربي مسوداتي بصمتك المتحجر سأظل دائما عاشقا للموت ذات حياة كل المقابر التي ألجها ليلا تمطرني جثثا مرحة ألعب معها الورق بأيادي خشنة والشواهد ترقص في حضوري لتشكل لوحة سريالية والعشب المليء بدعوات الفقهاء المرتبكين يختلط بظلالي ويتلذذ بقصائدي المجروحة من كثرة عناق المسافات الخافتة لأنني ولدت و في صدري بروق و شهوات لأنني آمنت بخرافات الربيع وهلوسات الخريف لم أعد أقتفي أنهارا بعيدة وقبلات من هدير تكفيني جرعات قليلة من نار المتشردين حتى أقتنص الصفاء المعتقل في بطن النزيف تكفيني نجمة واحدة أدفنها في حديقتي السرية لأختلط فيها و أستحيل غيمة صغيرة لاتكاد تراها السماء المقابر تعرفني جيدا المقابر تسكنني منذ قدوم النيازك التائهة لأنني شاعر مجهول واسمي تركته محنطا في تمثال أعزل يلهم الغرباء خرائط الحلم وبوصلة الانزياحات تكفيني المحبرة بيتا دافئا نسكن فيه معا ونغني بشجن وحنين تكفيني المقبرة عشا مرميا بعبث على غصن شجرة عاشقة أهبها روحي الهشَة لتتلوى الحياة كأفعى ويغدو الموت قلما مهذبا بين أصابعي الحارقة رغبات مشروخة سأروض النسيان حتى أجعله لعبة ورقية أنفخ فيها كلما أحسست بالرغبة في الابتعاد عني وفي عنق البحر سأحفر نفقا عميقا يصل الليل بالتيه... دائما تتربص بي عيون وقحة أبصق عليها من شدة قرفي. رغم كل شيء سأتمسك بفرشاتي الوفية و ألبي رغباتها السادية بفرح جميل. الأضواء النائمة في جيبي تسيل منها قصائد قديمة تذكرني بجماجم بيضاء كنت ألعب بها و أطير بدون أجنحة صوب الأحمر. الطريق المجنون تسكنه خطوات تائهة........ من سيمسح جبين النهر المتعرق؟ من سيشعل الرغبة في المرأة الشبقة؟ حتما ستصطف رياح كثيرة هذا المساء أمام الميناء الحزين وسيدرك الجسر أنه ليس وحيدا مثلي وستتقيأ النوارس مساراتها في وجهي المنطفىء حتى يقتنع الإله بحماقات الشعراء ونزوات الصيادين وتقلبات النساء معانقا جسدا من أوهام قد يحدث في غفلة من أعين البحر أن أجمع الأصداف المتعبة وقطع الأخشاب المبللة بقطرات الصبح لتشتعل ذكريات مزقتها بعد ألف سنة قد يحدث في منتصف القصيدة تماما أن تدق بابي غجرية تائهة أمنحها سريري وجسدي ثم أغادر المكان قد يحدث أن تغضب مني كل نساء العالم وتطاردني بعض الفراشات فأرسم بريشتي قاربا مطاطيا أرحل فيه إلى المرأة الوحيدة التي أحبها وقد يحدث كذلك أن أشتم كل البراكين القابعة في حنجرتي لأتمكن من التلذذ بصمتي قد يحدث أن أصفع مخبرا يطاردني كظلي وأهديه رواية مائة عام من العزلة ليبتعد عني وقد يحدث كذلك أن أثق في صداقة الرمل المكلوم ورغم هجمات البحر الصديق سأظل عاشقا لأوهامي ومتلذذا بجسد الخطيئة يوسف الأزرق شاعر مغربي