وبينما أنا شارد أعد ثواني الفصل بين عام قضى و آخر آت، كعادتي في خلوتي حين يجرفني نحو متاهات الأسى على احتمالي دخان أشربه من رمادات احتراق كفن أخضر، فتنسل ضوضاء النهار هاربة من لعنة الغواية كلما أجن الليل، طلعت جنيتي الغجرية جذلى تراقص صمت المكان في حضرة انكسار الزمان على شفتيها ترسم بسمة: جئتك اليوم في ثوب حورية البحر معلق نصفها العلوي بين العناكب في جدار موقوت لانفجار الوهم بالسكنى في قرار اليقين، بينما علق السفلي من نصفها في غياهب الشك بحثا عن معنى تكونه مرة و تموت، جئتك للصفو مع نفسي، من يدري، فقد يشع الحزن في عينيك على فقدي رغم الغيوم و رغم الكدر، ضوءً ينير القمر،حين تعلم أني آتيك من بلاد بعيدة، تاركة خلفي بسطا ملونة بهيامات غد أجمل تلفني حتى الاختناق. ليل آخر ليته كان يهمي بما تبقى في السماء من مطر، فيغسلني من أدران شوق إليك تكلس في ذاكرة عطلى إلا من حضورك في الغياب و ليأت بعده الطوفان، ليس أجمل عندي في الكون من لحظة استعادة رغبة ثكلى في إحياء طفولة مستحيلة فيها الشاهد أنت على الشهيد مزقه الفناء حبا في وصال مسكون بالحذر موصدة أبوابه على عتبات الصدود بأقفال صدئة. أراك قادمة من خلف أفق داكن بهدير أسئلة الوجه المتكسر في مرآة قهوتك الصباحية، قلتِ إنها تحلو مملوحة برائحة الفجر إذا سرى دفء يغازل امتداد الخيال بعينيك، فيوقظ رغم التأخر في الصحو عنادا ضد حزن غريب يسكن البرودة في الأوصال، ثم تتسللين بعيدا عن تفاصيل استلاب العمر مهروقا في غيابات دنيا كرهتِ منها ألا يكون الحرف من وهج الغناء بالفرح الموعود طريقا للخلاص من قدر أقسم فأوفى لا يبارح الورد إلا مصلوبا بحضن الذبول . لعلك مثلي غجريتي قد أخطأت طريق الحياة بأشرعة الموت في بحر انتظارات السراب، حين أسلمتِ قيادك للرحيل ضد التيار لعنة للأنوثة ثم أعلنتِ سرا حجم افتقادك للإنسان فينا بلا روح غير هذا الجسد الموبوء بلذة استرخاء على مذبح الشهوة العابرة، أ بعد الذي صار تسألين لم لا نبدأ من جديد..؟ كأني بك غجريتي تلفين حول عنقي حبل نهايةٍ لبداية المخاض يكبر أجمل في صمتنا الجنائزي حزناً على الفراق قبل اللقاء، سجلي من دفتر بعض وصاياي أني عاشق الغجرية التي لم تولد بعد، مجنونا بالرحيل عبر مدارات الوجود،مهووسا بالسؤال عن وجه يسكن قرار الذاكرة،فقدت حاسة الإيمان بسرابات الثوابت حين تصير أضرحة للأحياء،أمارس هواية النفي الإرادي كلما خلوت إلى شياطيني،تؤانس نزوعي الطفولي بحثا عن وجه يشبهني، هل أدعي بأني أصبت ما كنت أحلم أن يكون اختياري؟ من بعدما شارف العمر بي حافة اللاعودة، يعزيني في هزيمتي وحيدا ما كنت أقوى به في عز شبابي، لا تستغربي أني ظللت أكتب عن نفسي لنفسي حتى كان منك سؤال أخشى أن يكون نهاية البداية،فلست مطالبة من قبل و من بعد باحتمال شرودي، لكن أمانا عليك لا تقسميني نصفين واحد لتعتعة السكر بخمر وجودك إذا صحوت من غفوة اغترابي بغنائي بين يديك، و آخر للرفقة في الطريق يفصلنا حاجز التماهي خوفا من شروق شمس تؤذن بافتضاح، إنك مثلي غضبى من أرق السؤال لولا فارق في القدرة على تحويل اتجاه الغضب كي لا يغمرني انهمار النسيان،إنه الحصار أدريه أقوى من جموحي لمعاكسة التيار، لكني أظل عنيدا في مقاومة الحصار،حتى إذا قيل لي دعك من دنيا الخيال و قد بلغت من الشيب عتيا، قلت إنما أهيم و ما همني أن أكون عند الآخرين عصيا أو رضيا، لا يخجلني بوحي بما أسر عليلا، إن هي إلا حروف تذلق من فيض تناهيدي كلما طلعت صورتها من أضلعي جنية غجرية تلغي كل النساء، فأحضن فيها اختزال الأشباه واحدة أعبدها في محراب صلاتي.