تشهد المنطقة العازلة أو "قندهار شمال إفريقيا" انتهاكات متكررة من طرف "البوليساريو" لاتفاق وقف إطلاق النار، تساهم في تفاقم المخاطر والوضع الأمني بالمنطقة، خصوصا أن الانتهاكات المتمثلة في التحركات والمناورات العسكرية يصعب معرفة خلفياتها وأهدافها إن كانت بدافع استفزاز الجيش الملكي المغربي أم لتأمين تحركات الإرهابيين والعصابات التي تنشط في المنطقة. وتوصلت "الأيام" إلى معطيات مثيرة وردت في تقارير أممية توثق لحصول 18 انتهاكا لوقف إطلاق النار من جانب "البوليساريو" خلال الثلاث سنوات الأخيرة، مقابل انتهاكين اثنين فقط من طرف المغرب كانا بدافع إعادة التموقع لرصد المخاطر المحتملة. وسجلت قوات الأممالمتحدة "المينورسو" خلال الفترة بين مارس 2017 وأبريل 2018، حسب التقرير الأخير للأمين العام عن الحالة في الصحراء، الذي اطلعت عليه "الأيام"، 7 انتهاكات للاتفاق العسكري رقم 1 من طرف جبهة "البوليساريو" منها خمسة ذات صبغة عامة وانتهاكان اثنان لحرية التنقل. لكن بالمقابل، سجلت القوات الأممية المعنية بمراقبة وقف إطلاق النار حصول انتهاكين فقط من جانب الجيش الملكي المغربي، ورصدت تحركات ثلاث مرات عبارة عن تعزيزات تكتيكية.
وكان الجيش الملكي المغربي قد اشتكى شهري أكتوبر 2017 ويناير 2018 لدى البعثة الأممية من حادثتين لإطلاق النار ليلا في قطاعي تيشلا وبير كندوز الفرعيين، على طول الجزء الجنوبي من الجدار الرملي، أسفرا عن إصابة أحد الجنود المتواجدين في الجدار، لكن "البوليساريو" ادعت أنه ليس لها معرفة بأي من الحادثتين، دون أن تستطيع البعثة التأكد بشكل مستقل من صحة اتهامات المغرب لأنها لا تسير دوريات ليلية بسبب القيود الأمنية القائمة، وكان السفير الممثل الدائم للمغرب في الأممالمتحدة قد وجه رسالة إلى وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام لإثارة انتباهه للعمليتين، محذرا من أن المملكة لن تتسامح مستقبلا مع مثل هذه الاستفزازات.
كما لاحظت البعثة الأممية حصول 6 مظاهرات نظمها مدنيون صحراويون داخل المنطقة العازلة على مقربة من الجدار الرملي، وقيام المتظاهرين بإلقاء الحجارة صوب أفراد الجيش الملكي المغربي المتواجدين في الجدار الرملي.
وبالرجوع إلى التقارير السابقة للأمين العام، نجد أن التقرير الذي قدمه بان كي مون في 10 أبريل 2017، رقم 307 قد رصد أيضا 8 انتهاكات عامة لجبهة "البوليساريو"، دون أن يسجل أي انتهاكات من جانب الجيش الملكي المغربي، وتمثلت انتهاكات الجبهة الانفصالية في دخول قواتها العسكرية إلى المنطقة العازلة مرتين، وإنشاء مركز مراقبة بصفة مؤقتة داخل الشريط العازل بالقرب من بئر لحلو، وقيام الجبهة بمناورة عسكرية دون إخطار البعثة في مناسبتين، ونقل أماكن إقامة إحدى سرايا قواتها المسلحة وانتهاكين لحرية التنقل.
كما رصد تقرير آخر صدر في 19 أبريل 2016، تحت رقم 355، انتهاكا واحدا لجبهة "البوليساريو" تمثل في قيام مسلحيها بتغيير موقع وحدتين بعيدا عن موقعهما الأصلي، فيما لم يرصد أي انتهاك من الجانب المغربي.
والمثير للانتباه أن وتيرة انتهاك "البوليساريو" لوقف إطلاق النار بدأت منذ توقيعه سنة 1991، حيث رصد أول خرق في شتنبر 1991، عندما تم اكتشاف تسلل بعض العناصر المسلحة للجبهة الانفصالية إلى المنطقة العازلة.
وتعتبر الأممالمتحدة أن التواجد في المنطقة العازلة بلباس عسكري مصدر استفزاز، وأنه ينبغي إشعار بعثة "المينورسو" عند القيام بالمظاهرات في المنطقة العازلة، وتشدد على أن مشاركة العسكريين المسلحين في المظاهرات بالشريط الفاصل تشكل انتهاكا للاتفاق العسكري رقم 1.
ومنذ 1991، تاريخ وقف إطلاق النار، طالبت "البوليساريو" أكثر من مرة بالانتشار العسكري في المنطقة الممتدة من شرق الجدار إلى الحدود الدولية للمغرب مع الجزائر، والتي تعتبرها مناطق محررة، لكن الأممالمتحدة لم تستجب لمطالبها، ويؤكد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة رقم 404، الصادر في 19 ماي 1995، أن جبهة "البوليساريو" اعترضت على اقتراح بقصر وجود قواتها خارج الإقليم، في حين رفض المغرب الموافقة على أن يقصر وجود قوات جبهة "البوليساريو" على المنطقة الواقعة بين الجدار الرملي والحدود الدولية للصحراء، وهو نفس الطلب الذي ورد في تقرير مجلس الأمن رقم 779، الصادر في 8 شتنبر 1995، لكن تم رفض اعتراض "البوليساريو"، ولهذا وجه المغرب رسالة رسمية في 23 غشت لتأكيد هذا الرفض، وهو ما أخبر به الأمين العام للأمم المتحدة مجلس الأمن في تقرير حول هذا النزاع المفتعل بتاريخ 8 شتنبر 1995، مما يجعل أي وجود عسكري ل "البوليساريو" بين شرق الجدار والحدود الدولية مع الجزائر مخالفا للشرعية الدولية.
كما أشار تقرير للأمين العام للأمم المتحدة رقم 461، الصادر في 22 يونيو 2000، إلى قيام "البوليساريو" بتقديم اقتراح يقضي بالاقتصار فقط على عودة ساكنة المخيمات إلى شرق الجدار عند تطبيق خطة التسوية، وهو ما يعني ضمنيا عدم وجودها بين شرق الجدار والحدود الدولية للمغرب مع الجزائر.