يبدو من خلال قراءات المراقبين السياسيين أن الدبلوماسية المغربية تعمل على كسب موقف قوي من الإدارة الأمريكيةالجديدة، التي يقودها الجمهوري دونالد ترامب بعد اكتساحه للانتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء الماضي، للتنزيل الكامل للإعلان الرئاسي الموقع من طرف الساكن الجديد للبيت الأبيض، الذي سيملك مفاتيح الحكم خلال يناير المقبل، الأمر الذي يتطلب البحث عن أوراق جديدة ورابحة وفحصها قبل التفاوض مع الأمريكيين.
وشهد ملف الصحراء المغربية تطورات مهمة بعد التوقيع على الإعلان الرئاسي القاضي باعتراف أمريكا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية والدعم القوي لمبادرة الحكم الذاتي، حيث توالت الاعترافات الدولية المتتالية من قبل قوى عالمية كبرى كالجمهورية الفرنسية والمملكة الإسبانية إضافة إلى ألمانيا وباقي الدول الغربية، وهو ما يقوي ملف الدبلوماسية المغربية، ويفتح أمامها هامش كبير للمناورة والتحرك على الصعيد الدبلوماسي، وتوسيع دائرة المكاسب السياسية والاقتصادية.
وقال عبد الفتاح بلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن "الملاحظة الأساسية التي يجب الإشارة إليها أولا هي أن دونالد ترامب هو من وقع على الإعلان الرئاسي مع المملكة المغربية، الذي يقر بمغربية الصحراء والدعم الكامل لمبادرة الحكم الذاتي، حيث تم اتخاذ بعد ذلك قرار بالعمل على خريطة المغرب كاملة، ومراسلة دول الأعضاء بالأمم المتحدة بهذه الخطوة".
وأضاف بلعمشي، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "رغم تمكن الديمقراطيين من الحكم داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية بقي القرار كما هو عليه في فترة ترامب السابقة، وهذا ما يؤكد على أن المغرب كسب قرار دولة بدولة وليس قرار مرتبط بتغير الحكومات أو الأشخاص"، مشيرا إلى أن "الملاحظة الضرورية هي أن هذا الموقف لم يتقدم".
وتابع المتحدث عينه أن "جميع المغاربة بمختلف مشاربهم ينتظرون تطور هذا القرار الأمريكي، عن طريق فتح قنصلية بمدينة الداخلة باعتبارها تمثيلية دبلوماسية، وبدء العمل بشكل رئيسي ومباشر على الصعيد الاقتصادي والسياسي".
وأشار المحلل السياسي إلى أنه "منذ التوقيع على هذا الاتفاق وقعت تطورات مهمة في ملف الصحراء المغربية وذلك بعد الاعترافات الدولية المتتالية للقضية كفرنسا وإسبانيا وألمانيا، الأمر الذي سيدفع أمريكا إلى الاستثمار بشكل معلن عنه داخل الأقاليم الجنوبية بدون أي مزايدات".
وأردف أيضا أن "الأوراق التي يتوفرها عليها المغرب تتمثل في الاستثمارات الهائلة بالأقاليم الجنوبية، ثم قوته داخل القارة الإفريقية باعتباره بلد موثوق به داخل المجتمع الدولي، إضافة إلى الأمن والاستقرار الذي يتوفر عليه، باعتباره الأساس الوحيد الذي تنبني عليه كل هذه الأمور الخارجية".
وأشار الأكاديمي إلى أن "التوجه المغربي نحو إفريقيا هو مثير للاهتمام لدى هذه القوى الدولية الكبرى، وأيضا المشاريع والمبادرات الكبيرة والضخمة التي ستزيد من تنمية هذه القارة وأيضا المنطقة ككل، بمعنى أن المغرب كلما طور نفسه داخل المنظومة الإفريقية كلما كان شريكا مهما للدول الكبرى".
وخلص بلعمشي حديثه قائلا: "الضغط الأوروبي المتزايد على قضية الصحراء المغربية يعتبر ورقة رابحة نظرا لتنوع الشركاء، إذن نحن أمام وضع يؤهل المغرب من موقعه التفاوضي مقارنة مع سنة 2020، وأظن أن المؤشرات تصب نحو تطوير الموقف الأمريكي في المحطات القادمة".