نشر ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مقالا بالعربية والفرنسية يوضح فيه حيثيات الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ويدافع عن موقف المغرب الداعي إلى حكم ذاتي ينهي هذا المسلسل الذي طال أمده، ويكشف كيف وصلت المشاورات التي بدأها الملك مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى محطة إعلان ترامب. ويقول الوزير في مقالته المنشورة بالعربية في "الشرق الأوسط" وأخرى بالفرنسية في "جون أفريك"، إنه في ضوء "هذه الحقائق التي يدركها عقلاء العالم، وتشبعاً بالرؤية المغربية الداعمة للسلم والاستقرار والاندماج الإقليمي، تتَّضحُ أهمية هذا القرار في بعده المهيكل، باعتباره مؤسساً لمنعرج حاسم ولحظة قوية في مسار إيجاد حل سياسي واقعي ودائم". وفي هذا الأفق التوافقي الذي يستشرف المستقبل، يضيف بوريطة،" قرَّر المغرب، وهو الدولة ذات التقاليد المركزية المتجذرة في التاريخ، الانتقال نحو منطق الدولة التي تخوّل لسكان الصحراء المغربية إطاراً لممارسة حكم ذاتي تحت السيادة الوطنية، لتدبير شؤونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية خاصة بالمنطقة." ثم أكد أن "الولاياتالمتحدة على دراية تامة بأصل وتطورات الملف، وكذا ديناميته ورهاناته"، وكشف كيف وصل المغرب إلى اعتماد حل الحكم الذاتي بقوله إن هذا "التوجه الذي تعد مبادرة الحكم الذاتي ثمرة له، ما هو إلا نتيجة لمشاورات معمقة بين الملك محمد السادس وإدارة الرئيس بيل كلينتون (الديمقراطي)، والتي جرى تقديمها للتشاور مع إدارة الرئيس جورج بوش الابن (الجمهوري)، قبل أنْ يتم دعمها في وقت لاحق من طرف إدارة الرئيس باراك أوباما (الديمقراطي)". كما اعتبر أن الإعلان الرئاسي لإدارة الرئيس دونالد ترمب جاء تتويجاً منطقياً لهذا المسلسل، وإبرازاً لموقف داعم وثابت على امتداد عشرين سنة، وهو التراكم الذي أفضى إلى الاعتراف بالسيادة الوطنية والوحدة الترابية". وبعيداً عن الدعم المتمثل في التصريحات الرسمية العلنية، يتابع بوريطة في مقالته المحررة بأكثر من لغة، "فإنَّ الولاياتالمتحدة وضعت رهن إشارة المغرب منذ عام 2015، في إطار قانون الإنفاق المالي، خطاً تمويلياً لصالح الأقاليم الجنوبية المغربية". ووفق المنطق نفسه، حسب الوزير، "فالاتفاقيات التجارية الموقّعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تشمل جميعها الأقاليم الجنوبية للمغرب. وبناءً على كل هذه المعطيات، فإنَّ الاعتراف الأميركي الرسمي بمغربية الصحراء لن يصدم إلا من تعوزه معرفته أو تخونه ذاكرته". واعتبر أن "الإعلان الأميركي ينسجم كذلك مع تطورات الملف داخل أروقة الأممالمتحدة"، ويرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي أن ذلك يتمثل أولا "عبر تصريحات مبعوثين أمميين سابقين عدة، والذين بُحَّ صوتهم من الترديد بأنَّ «استقلال الصحراء» ليس خياراً واقعياً، علاوة على أنَّ التوصيات السبع عشرة الأخيرة لمجلس الأمن تنطوي على قناعة واضحة بضرورة الوصول إلى «حل سياسي وواقعي ودائم»، مع التثمين والإشادة بالجهود الجدية وذات المصداقية التي يبذلها المغرب لإخراج الملف من النفق المسدود".