بالموازاة مع الانتصارات المتتالية التي حققها المغرب في ملف الصحراء المغربية، تتطلع المملكة إلى إرساء دينامية سوسيو-اقتصادية جديدة، لتنمية الأقاليم الجنوبية، وتحسين جاذبيتها، باعتبارها فضاء اقتصاديا واعدا، يزخر بمؤهلات كبيرة للنمو، من خلال تثمين القطاعات الحيوية في المنطقة، بتنزيل أوراش تنموية ذات بعد مجالي وبيئي واقتصادي، في اطار الاستدامة، وبعيدا عن استرتيجيات المدى القصير، التي لا تتيح تنويع الاقتصاد تنويعا أمثل، يستجيب لتطلعات الساكنة المحلية من جهة، ولأهداف البرامج التنموية التي تضعها الدولة من جهة أخرى.
وتحقيقا لهذا المبتغى، فقد وفر المغرب ميزانيات مخصصة لدعم مشاريع النموذج الجديد، لتنمية الأقاليم الجنوبية، بلغت 87 مليار، مخصصة لإنجاز ما يناهز 660 مشروعا، حسب ما أعلن عنه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، في معرض تقديمه لمشروع هذه الميزانية، أمام لجنة الداخلية، والجماعات الترابية والسكنى، وسياسة المدينة، والشؤون الإدارية بمجلس النواب، أمس الثلاثاء 5 نونبر 2024.
واكد لفتيت أن هذه التكلفة المالية الاجمالية ستمول مجموعة من المشاريع، من بينها الطريق السريع تيزنيت- الداخلة، بميزانية تبلغ قيمتها 8.8 مليار درهم، فيما تم تخصيص ميزانية 12 مليار درهم لإنجاز ميناء الداخلة الأطلسي.
وبخصوص برامج التنمية الجهوية، أشار الوزير إلى أن مصالح الوزارة توصلت ب12 برنامجا للتنمية الجهوية برسم الولاية الحالية، تم إعدادها من طرف مجالس الجهات، وتم التأشير عليها كلها، ويناهز المبلغ الإجمالي لبرامج التنمية الجهوية بالجهات ال12 نحو 243 مليار درهم، تهم 2101 مشروعا، وتقدر المساهمة المالية للجهات بنحو 74 مليار درهم.
في نفس الصدد، قال لفتيت إن مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الداخلية برسم سنة 2025، يندرج في إطار مواصلة تفعيل المخططات، والبرامج الهيكلية لهذه الوزارة، الرامية إلى تحريك عجلة التنمية، والارتقاء بالحكامة على المستوى الترابي، وفق منظور الجهوية المتقدمة، التي تم إرساء مؤسساتها تبعا للتوجيهات المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مؤكدا أن التجربة المغربية للجهوية أصبحت في مصاف التجارب الرائدة قاريا ودوليا.
وأفاد الوزير أن تدبير الأوراش التنموية ذات البعد المجالي والبيئي والاقتصادي، تميز خلال السنوات الأخيرة، برفع تحديات الحفاظ على الموارد الطبيعية، وحسن تدبيرها، وضمان استدامتها، لافتا إلى إشكالية ندرة مياه الشرب والسقي، وتدبير الإجهاد المائي بصفة عامة، كأحد اكبر التحديات التي تعيق التنمية.
وفي السياق ذاته، أشار المتحدث نفسه إلى أن مختلف الرهانات التي يصادفها تنزيل هذه البرامج التنموية تشكل مناسبة كبيرة لتقوية وملاءمة نموذجنا الاقتصادي والاجتماعي، عن طريق بلورة أساليب مبتكرة، ومنسجمة مع خصوصيات بنياتنا الاقتصادية والإيكولوجية والمجالية، في ظل استمرارية التغيرات المناخية، والتحول الطاقي والرقمي، الذي يشهده العالم اليوم.