تعد قضية التشغيل أولوية قصوى بالنسبة للحكومة في النصف الثاني من ولايتها، حيث يمثل مشروع قانون المالية لسنة 2025 نقطة محورية في تجسيد هذه الأولوية، بالإضافة إلى كونه خطوة أساسية لمعالجة إحدى نقاط ضعف حصيلة الحكومة خلال السنوات الماضية.
وللنهوض بقطاع التشغيل، شدد خبراء اقتصاديون على ضرورة تحفيز دينامية الاستثمار في القطاعات الأكثر حيوية كقطاع الفلاحة، والبناء، والأشغال العمومية، والسياحة، وتوفير حوافز ضريبية وتشجيعات مالية للمستثمرين، مما يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية".
وحسب نفس المراقبين، فإن تحريك مجال التشغيل والكفاءات بالمغرب يتطلب ضرورة "الرفع من وقع البرامج النشيطة للتشغيل، من خلال تعزيز الدعم المخصص لهذه البرامج وتوسيع نطاقها"، مشيرين إلى أن "الحكومة أكدت من خلال مشروع قانون المالية على فتح الاستفادة من برامج التشغيل لأول مرة في وجه الشباب غير الحاملين للشهادات، وزيادة الاستثمار في برامج التكوين المهني بالتدرج، مما يتيح للشباب اكتساب المهارات اللازمة التي تتماشى مع احتياجات سوق العمل".
ويرى علي الغنبوري، مدير البرامج بمرصد العمل الحكومي، أن "الحكومة اليوم أصبحت واعية تماما بإشكال البطالة وارتفاع معدلاتها التي فاقت 13.7 في المائة، مما يعكس تحديا كبيرا يتطلب اتخاذ تدابير فورية وفعّالة، فهذه الأرقام المقلقة تشير إلى ضرورة وجود تدخل حكومي منظم يُسهم في تحفيز سوق الشغل وزيادة نسق التشغيل، وهذا يمثل خطوة حيوية نحو تحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي".
واعتبر الغنبوري، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "معالجة مشكلة البطالة يتطلب مقاربة شاملة تستند إلى فهم عميق للعوامل التي تساهم في تفشيها، يتضمن ذلك تحليل الأسباب الهيكلية والقطاعية التي أدت إلى هذه النسب المرتفعة، مثل عدم التوافق بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، إضافة إلى تأثير التغيرات المناخية والأزمات الاقتصادية العالمية".
وأضاف المحلل الاقتصادي أنه "يجب تعزيز البرامج النشيطة للتشغيل، من خلال التركيز على التدريب المهني والتكوين المستمر، حيث يتعين على الحكومة الاستثمار في برامج تؤهل الشباب بالمهارات اللازمة لمواجهة تحديات سوق العمل"، مبينا أن ذلك يأتي بالتعاون مع مؤسسات التعليم العالي والشركات وتحسين التنسيق بين هذه الأطراف لضمان تعليم ملائم يسهل الاندماج السلس للخريجين في سوق العمل.
وسجل الغنبوري، أن التحديات المتعلقة بالبطالة في المناطق القروية تستدعي تدابير خاصة، حيث يتوجب على الحكومة وضع إستراتيجيات تركز على دعم الفلاحين والمزارعين من خلال التقنيات الحديثة في الزراعة والمشاريع المدرة للدخل، بهدف تخفيف آثار البطالة في هذه المناطق.