أثار حرمان العديد من المواطنات والمواطنين من الدعم المباشر ومعه نظام "أمو تضامن" بعد الشروع في الاستفادة منهما منذ ثلاثة أشهر، امتعاض الفئات المعنية التي تقرر إبعادها عن هذا البرنامج بمبرر ارتفاع مؤشرها الاجتماعي.
وتوصل مجموعة من المواطنين ممن استفادوا من الدعم الاجتماعي المباشر برسالة نصية على هواتفهم المحمولة تخبرهم بأنه تم توقيف الدعم الاجتماعي المالي المباشر الخاص بهم، وعليهم في المقابل أداء واجبات الاشتراك بالتأمين الإجباري عن المرض إن أرادوا الاستفادة من التغطية الصحية.
وعن أسباب وخلفيات هذا القرار الحكومي، أوضح أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية ومنسق ماستر إدارة المؤسسات والعمل الاجتماعي عبد اللطيف المستكفي، أن "المبادرة المتعلقة بالدعم المباشر والمخصص لفئات هشة، قامت على أساس ما يسمى بالمؤشر الاجتماعي انطلاقا من منصة تشرف عليها الحكومة عن طريق المصالح الإدارية المعنية".
واعتبر المستكفي، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه لا يمكن اعتبار هذا الدعم "بمثابة أجر ثابت أو مستحقات بحكم القانون تستمر إلى غاية وفاة المستفيد"، مبينا أن الأمر يتعلق بعملية دعم لوضعيات اجتماعية هشة، رهينة بالوضع الاجتماعي. وتابع أنه من خلال القراءة التقنية لهذا الدعم فإنه كلما استمر الوضع الاجتماعي على ما هو عليه من ناحية الهشاشة، فإن الدعم سيستمر، مستدركا: "لكن عندما تتحسن وضعية الفئات المستهدفة، فإن المنصة تؤكد ارتفاع المؤشر، وبالتالي هي عملية أتوماتيكية، حيث يتم توقيف الدعم مباشرة بعد تسجيل ارتفاع المؤشر الاجتماعي". وفي المقابل، يرى المستكفي، أن القراءة السوسيولوجية الاجتماعية تؤكد أن "المستفيدين لن يقبلوا إيقاف الدعم المخصص لهم رغم بعض التحولات وبعض المتغيرات على المستوى الاجتماعي كالأرامل والمطلقات المستفيدين من صندوق الدعم الأسري، وكذلك المسجلين بصندوق الضمان الاجتماعي أو الزوجات المستفيدات من صندوق الضمان الاجتماعي". وأكد أنه من الناحية التقنية والقانونية، فإن الحكومة لا تتحمل أي مسؤولية، وإنما تتصرف انطلاقا من ضوابط تقنية عبر اعتماد المنصة الإلكترونية، لكن من الناحية السوسيولوجية والاجتماعية، يقول المستكفي، "لن يتم قبول هذه الإجراءات المتعلقة بإيقاف الدعم من طرف فئات عريضة من المجتمع، رغم أن حجم هذا الدعم لا يفي بالحاجيات الكلية وإنما يسد بعض الحاجيات، وبالتالي يصعب على المواطن الذي يعتبر نفسه أحق بهذا الدعم المخصص أن يتقبل إيقافه خاصة بعد استفادته منه لمدة ثلاثة أشهر". وأوضح المستكفي، أنه من الخطأ اعتبار هذا الدعم بمثابة "حق مكتسب"، مبينا أن المعادلة المعتمدة هي أن الدعم رهين بالوضعية الاجتماعية وبالمؤشر، إذ كلما استمر المؤشر في مستواه أو أقل من مستواه كلما استمر الدعم، وكلما تغير المؤشر إلى مستوى أعلى توقف الدعم. وسجل أن السؤال المطروح هو أنه إذا كان من حق الحكومة إيقاف الدعم الاجتماعي المخصص للفئات الهشة إذا تغيرت وضعيتهم الاجتماعية، فهل مازالت إمكانية فتح باب الاستفادة من الدعم لفئات تراجع مؤشرها الاجتماعي بعد أن كان مرتفعا ولم تستفد من الدعم؟. وخلص المستكفي، إلى أن مسألة استمرار الدعم من عدمه، تبقى إجراء مؤقتا في ظل أزمة مستشرية بدأت مع جائحة كورونا واستمرت مع ارتفاع أسعار المحروقات في ظل اقتصاد هش يقوم على ما يمكن تسميته بالاقتصاد غير المهيكل وفي ظل ما يسمى بالتكافل العائلي بين أفراد الأسرة، مشيرا إلى أن السؤال المطروح هو "هل سيتم التعامل مع هذا الوضع الهش بهذه الطريقة الإجرائية المؤقتة أم سيتم تثبيت القرار، ليشمل جميع الحكومات كيف ما كانت سياستها وبرامجها؟".