PA Media نركز في عرض الصحف اليوم على الجانب الإنساني للحرب الدائرة حالياً في غزة، ومدى تأثير ويلات الحرب على المدنيين من الفلسطينيين والإسرائيليين. ونبدأ بمقالة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية تحت عنوان: "لن يتحقق السلام أبداً بين الإسرائيليين والفلسطينيين حتى يروا بعضهم كأكثر من مجرد 'عدو مجهول الهوية'". وتدور فحوى مقالة الكاتب سمير اليوسف على أن "الخطأ" الذي ارتكبه الجانبان هو أن كلا منهما "جرد الآخر من إنسانيته إلى حد أصبح معه العنف المتطرف مبررا". "لا أمل دون تغيير التصورات الراسخة" ولا يرى الكاتب من أمل في حل دائم للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين إن لم تتغير التصورات الراسخة لدى كل منهما عن الآخر، وإن لم يقروا بأن "من هم على الجانب الآخر بشر جديرون بالثقة وليسوا "عدوا لا وجه له". ويستعرض سمير اليوسف ما تم من مفاوضات بين الجانبين قبل نحو 30 عاماً وأسفر عن اتفاقيات أوسلو وما تلاها، لكنه يقول إنها لم تكن "سوى نتيجة لإدراك متردد بأن الفلسطينيين والإسرائيليين لم يعد بوسعهم إنكار حق الطرف الآخر في الوجود. ولم يعد بإمكان الفلسطينيين اعتبار دولة إسرائيل مجرد "كيان صهيوني" كان تدميره واجبهم الوطني، ولا يجوز للإسرائيليين أن يتجاهلوا أن الفلسطينيين، "أمة ذات طموحات لا يمكن إنكارها في تقرير المصير وإقامة الدولة". لكن هذا في رأيه لم يكن كافياً، إذ "كان ينبغي أن تكون هناك خطط عملية للتعليم والتعاون بينهما فيه والجمع بين المؤسسات والمنظمات .. حتى إذا سارت الأمور بشكل خاطئ، لا يمكن التسامح مع أي استخدام مفرط أو عشوائي للعنف". ولهذا يرى "أن ما حدث في 7 أكتوبر/ تشرين الأول وما بعده هو "نتيجة لفشل عملية السلام في تغيير التصورات الراسخة لدى المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي". ويتساءل الكاتب: "لماذا ترى القوات الإسرائيلية والمقاتلون الفلسطينيون ذبح السكان المدنيين في الطرف الآخر أمراً مبرراً أخلاقياً؟ لأن كلا المجتمعين لا يزالان ينظران إلى الموجودين على الجانب الآخر على أنهم مجرد عدو منزوع الإنسانية، ولا يعد تدمير سكانه المدنيين معضلة أخلاقية". الطفلة هند.. "تعالوا خذوني" Rajab Family ننتقل إلى صحيفة "القدس" الفلسطينية، التي كتب فيها عيسى قراقع مقالة تحت عنوان: "الطفلة هند.. تعالوا خذوني.." يكرس الكاتب مقالته لرثاء هند ورثاء غزة. ورسم لوحة لما حدث بأسلوب مؤثر، قائلاً: "الطفلة هند رجب ابنة الست سنوات.. استهدف جيش الاحتلال سيارة تقلها وعددا من أقاربها في حي تل الهوى في قطاع غزة يوم 29 يناير/كانون الثاني 2024، وانهمر الرصاص على السيارة واستشهد بشار وزوجته وأطفالهما وبقيت هند محاصرة بين جثامين عائلتها. وتمكن طاقم الهلال الأحمر من الاتصال بهند التي صرخت خائفة ومرعوبة تعالوا خذوني.. تكرر النداء.. ثم سمع صوت إطلاق النار". "ظلت هند ساعات وساعات داخل السيارة التي تملؤها الدماء، وانتظرت هند سيارة الإسعاف التي توجهت لإنقاذها، وعندما أصبح طاقم الإسعاف قريبا من مكان هند، انقطع الاتصال بالطاقم الذي توجه لإنقاذها، قتلت الطفلة هند رجب". "لا تزال كلمات هند باقية" ورغم موت هند بقيت كلماتها التي سجلتها مكالمة الهلال الأحمر، أردفها عيسى قراقع في مقالته، قائلاً: "الطفلة الجميلة هند، تنضم إلى أكثر من 12 ألف طفل استشهدوا في غزة، والعدد يزداد يومياً. أطفال في حقول من أشلاء. لا تدابير توقف هذا الموت، ولا أحد يسمع نداءات الناس ولا استغاثات المؤسسات الإنسانية والدولية. صور الأطفال المذبوحين الهائمين والمشردين والضائعين والأيتام تملأ الشاشة. الجميع في غزة جياع. الأوبئة والأمراض تفتك بالجميع دون استثناء". ويقول الكاتب: "كل شيء ينهار، الأخلاق والضمائر .. لقد ماتت هند، ولم تفتح المعابر والمستشفيات، لم يصل الدواء ولا الهواء ولا التوابيت، ولازالت هند هناك". "سكت صوت هند، وسكتت غزة. سكت التاريخ الإنساني للبشرية حضارة وثقافة وفكراً، إنها الرذيلة والعودة إلى العصور البهيمية، الازدراء الكامل للإنسان، وما زالت الدول الاستعمارية تعقد الاجتماعات وتجري اللقاءات والمشاورات، ما الفائدة؟". "ابنتي ليري.. أفتقدك كثيراً" Liri Elbag ونختتم عرض الصحف بما كتبته شيرا الباغ وهي أم إسرائيلية لابنتها المحتجزة لدى حركة حماس في عيد ميلادها في صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية تحت عنوان: "إلى ابنتي، التي تبلغ من العمر 19 عاماً اليوم، رهينةً في غزة". تقول شيرا لابنتها إنها تتحدث إليها كل يوم وإنها تفتقدها كثيراً وإن قلبها يعتصر ألماً. ولا تتخيل الأم كيف تظل ابنتها، التي تدعى ليري، رهينة لمدة 121 يوماً، أربعة أشهر، 2,880 ساعة، كما يروي المقال. "تركت فراغاً كبيراً" تبلغ ليري الآن 19 عاماً. تقول شيرا لابنتها: "لا يمكنك معرفة مدى افتقادنا لك في المنزل. الآن لا يوجد شيء هنا. لا موسيقى في يوم ميلادك، لأنك كنت مسؤولة عن اختيار الأغاني، لا توجد صور، لأنك أنت من يلتقطها. لا ضجيج في المطبخ، لا أبواب تفتح أو تغلق عندما تأتين أو تذهبين.. لكني أعلم يا فتاتي أنك قوية ومتفائلة". وتعبّر شيرا عن أملها في أن ليري لا تزال على قيد الحياة، وتختتم الأم رسالتها بهذه الأمنية: "ألا يستمر ذلك لفترة أطول، ثم أن تعودي إلينا قريباً. أحبك أكثر من أي شخص آخر".