في الوقت الذي يتجه المغرب إلى تثبيت قدمه في القارة الإفريقية، شيئا فشيئا بعد عودته للاتحاد الإفريقي بشكل رسمي في يناير الماضي، تعيش جبهة البوليساريو على وقع خلافات حادة بين أجنحتها الداخلية، كشفتها ما أسمته المبادرة الصحراوية من أجل التغيير، وهي مبادرة جاءت بحسب تصريحات منسقها الحاج أحمد بارك الله الذي قال إنها "دعوة للنقاش والحوار الذي يعكس الإنشغالات والآراء السياسية للكثير من الصحراويين الذين يدركون تعقيد هذه اللحظة ويرون الحاجة الماسة إلى ضرورة التصحيح العاجل من أجل إنقاذ ما أسماه "المشروع الوطني". تصريحات القيادي في الجبهة تكشف عن تخبط واضح ، أكدته رسالة لزعيم الجبهة ابراهيم غالي إلى الأمين العام الأممي انتونيو غوتيريش، بعيد لقاء وفد من البوليساريو يضم أمحمد خداد المنسق مع بعثة المينورسو والبخاري أحمد ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة مع هورست كوهلر المبعوث الشخصي للأمين إلى الصحراء ، وذلك عشية اجتماع مجلس الأمن الدولي .
هذه التحركات تأتي وفق المحلل السياسي عبد الفتاح الفاتحي، بسبب استشعار قيادة الجبهة لتطورات يبدو أنها تتجاوز موقفها ، بعدم حسم قصر المرادية لانتقال سياسي لما بعد عبد العزيز بوتفليقة.
و أوضح الفاتحي في حديث للأيام24 أن ابراهيم غالي، أدرك أن خياراته الدبلوماسية لم تعد تحتمل غير بعث رسائل مكررة، ولأنه يحس بأن الموقف التفاوضي للجبهة بات الحلقة الأضعف بعد تأكيد الملك محمد السادس بأن لا حل لنزاع الصحراء خارج السيادة المغربية.
وعن زيارة وفد الجبهة لنيويورك، يؤكد الخبير في شؤون الصحراء أنه تصرف يعكش يعكس ارتباك موقف الجبهة وعدم استقلالية قرارها، ولذلك عاودت الالتحاق بكوهلر لتصحيح موقفها، سيما بعد زيارة كان قام بها ابراهيم الغالي إلى الجزائر العاصمة والتقى فيها بقيادة العسكر الجزائري لبلورة موقف موحد.
وهوي بحسب المحلل السياسي"تحرك يرتبط أكثر بما قد يطرحه تقرير كوهلر الجديد، حيث تشير تسريبات بأنه يقترح الانطلاق من خلاصات استشارة محكمة العدل الدولية، ويقترح صياغة دستور صحراوي، مما يجعل مقاربته أقرب إلى مبادرة الحكم الذاتي.
وأشار الفاتحي أن المبعوث الأممي الجديد يستحضر تعقيدات ملف الصحراء، و يستحضر أيضا المتغيرات الدولية بعد رفض الرأي العام الدولي للمساعي الانفصالية وفشل محاولات الاستقلال في اسبانيا والعراق. وعليه، فإن معنى تقرير المصير الذي لا تزال البوليساريو تردده بات في حكم الحلول المستحيلة.
وتابع المتحدث ذاته بالقول " إن كوهلر مشبع بالثقافة الألمانية الموحدة، فهو يقدر الخيارات الواقعية لإيجاد تسوية تقديرا لرأي دول مجموعة أصدقاء الصحراء، الذين تعاطوا بإيجابية مع مبادرة المغرب بمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية.
.ولفت إلى ان مؤشرات تطور العلاقات الدولية والإقليمية تجعل من تصور كوهلر الجديد أكثر واقعية، والأقرب إلى الرؤية المغربية، استيعابا للتطور الذي حدث بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وتعزيز مشاريعه التنموية بإفريقيا.