اختراقٌ جديدٌ حقّقتهُ جبهة البوليساريو بعدَ بُلوغِها القصرَ الرّئاسي الموريتاني بنواكشوط، حيثُ تسلَّمَ الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الإثنين، رسالة خطية من الأمين العام للجبهة، ابراهيم غالي، في توْقيتٍ "حسّاسٍ" يتعلق باقترابِ موعد انطلاق الجولة الثانية من المحادثات بشأن تسوية النّزاع حول الصحراء. الرّسالة التي حمَلها امحمد خداد، "المبعوث الخاص للرئيس الصحراوي"، تسلّمها الرئيسُ الموريتاني محمد ولد عبد العزيز. وقال خداد للصحفيين: "كان لي شرف مقابلة الرئيس محمد ولد عبد العزيز حيث سلَّمته رسالة من أخيه ابراهيم غالي، تتعلق بالعلاقات الثنائية والمساعي الحثيثة للمجتمع الدولي من أجل إيجاد حل دائم وعادل للقضية الصحراوية". وتقول موريتانيا إنَّها تنظرُ إلى النزاع الصحراوي برُؤية "محايدة"؛ فهي ليستْ مع أي طرفٍ من الأطراف المتنازعة، وتؤيّد العملية السياسية التي ترْعاها الأممالمتحدة. وفي جولة "جنيف" الأولى، لمْ تتوصَّل الرباطوالجزائر إلى صيغة توافقية تنهي النزاع. ويدفعُ المبعوث الأممي إلى الصحراء، هورست كوهلر، نحو جولة ثانية هدفُها غرس الثقة بين الأطراف، ستحدد طبيعة المسار الأممي للعملية السياسية. ويرى مراقبُون أنَّ انعطاف توجّه موريتانيَا خارجيًّا إلى الجزائر في السنوات الأخيرة، مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز، كانت له تداعيات سلبية على ملف الصحراء. كما أسْهمَ في وضع مزيد من الحصى في حذاء الدبلوماسية المغربية التي تراهنُ، اليوم، على الجارة الجنوبية كطرف أساسي في مبادرات المبعوث الأممي الألماني هورست كولر. وواضحٌ أنَّ موريتانيا في مرحلة الرئيس ولد عبد العزيز لمْ تعُد محايدة في نزاع الصحراء؛ ذلك أنَّ السلطات الجزائرية اسْتطاعت في السنوات الأخيرة تغيير موقف نواكشوط ليصبح داعماً لجبهة البوليساريو رغْمَ ادعاء خطابِ الحياد. ويؤكّد الأستاذ الجامعي عبد الرحيم المنار سليمي، مدير المركز الأطلسي للدراسات الأمنية، أن "الجزائر اسْتطاعت إغْراقَ شمال موريتانيا بمليشيات البوليساريو، وتطوّر الوضع أكثر مع فتح معبر بين الأراضي الموريتانية وتندوف". واستقبالُ الرّئيس الموريتاني لمسؤولين من الجبهة يردُّهُ المحلل السياسي ذاته إلى انحياز الجارة الجنوبية إلى جانب الجزائر، التي تحاولُ الضغط عليها من أجل دعمِ واحتضان مليشيات الجبهة، مورداً أنَّ "رسائل التنسيق بين البوليساريو والسلطات الموريتانية لم يتوقف، وهي لقاءات تحاولُ الجزائر من خلالها توريط موريتانيا والهروب من زاوية النظر التي باتت لدى المجتمع الدولي القائمة على أن نزاع الصحراء توجد فيه الجزائر كطرف مباشر أمام المغرب". ويعتقدُ مدير المركز الأطلسي للدراسات الأمنية أن اللقاءات الموريتانية مع البوليساريو "تعبير عن عدم الحياد الموريتاني"، لافتاً الانتباه إلى أن موريتانيا تعرضت لاختراق جزائري كبير في السنوات الأخيرة جعلها تنفتح على الجبهة وتبتعد عن خطاب الحياد. وفي نظر سليمي، فإنَّ "الحياد الموريتاني خلال مرحلة ولد عبد العزيز لم يعد موجوداً"، موردا أن خطورة الدعم الموريتاني للبوليساريو وصلت إلى حد فتح ممرات بالأراضي الموريتانية للجبهة وصلت عبرها إلى شواطئ المحيط الأطلسي.