لم يكن أحد ربما يتوقع حدوث أي "زلزال سياسي" داخل مملكة سلمان ولد عبد العزيز، إلا أنه على عكس ذلك جاء بشكل مفاجئ ليضرب بقوة أسماء وزارية ورجال أعمال عالميين، على رأسهم الوليد بن طلال، حيث تم اعتقال هؤلاء على خلفية تقرير لجنة مكافحة الفساد التي يرأسها ولي العهد محمد بن سلمان، حيث توصل هذا الأخير رفقة والده "بتأشيرة ثقة" من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أيد بشكل واضح حملة الاعتقالات التي أطلقتها مملكة سلمان، فهل يمكن تحديد بؤرة "الزلزال السعودي" في البيت الأبيض؟
وفي هذا الإتجاه يرى مصطفى الطوسة، الإعلامي والمحلل السياسي في باريس، أن ما يحدث في السعودية ما هو إلا محاولة من قبل ولي العهد، محمد بن سلمان لتركيز نفوذه وتهيئة الظروف ليتبوأ منصب الملك، مضيفا أنه يحاول إعطاء صورة الحامل لمشروع جديد، يريد من خلاله محاربة الفساد وكل من سبق لهم استغلال نفوذهم في الحقبة الماضية.
وأضاف الطوسة في تصريح خاص ل"الأيام24"، أنه "على المستوى السياسي فولي العهد يسعى بشكل واضح إلى ابعاد كل الأسماء سواء من عالم السياسة أو الاقتصاد والتي لم تبايعه ولا تثق فيه خاصة بعد إبعاد محمد بن نايف".
وبخصوص علاقة "أمريكا ترامب" بالزلزال السياسي السعودي، كشف المحلل السياسي أن العلاقات بين محمد بن سلمان ودونالد ترامب جيدة جدا، وأن هناك تحالف واضح وبارز بين الرجلين ، مضيفا أنهما يتقاسمان رؤية مشتركة حول إدارة الاعمال والاستثمار في المنطقة الخليجية.
وأشار الطوسة إلى أن الوليد بن طلال هو الآخر قد يكون عاملا رئيسا في مباركة ترامب للخطوة السعودية لاعتقاله، معزيا ذلك الى كون رجل الأعمال السعودي كان من بين الشخصيات التي تلاسنت مع ترامب في فترة الانتخابات الأمريكية، وتوعد دونالد بأنه لن يصل الى كرسي الرئاسة في البيت الأبيض، قبل أن يرد عليه الرئيس الامريكي بالقول إنه لا يحق لأي سعودي التدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدةالأمريكية، يوضح المتحدث ذاته.
وعن تأثير المعطى الإيراني في ما يحدث بالسعودية، أوضح المحلل السياسي أن العامل المشترك بين واشنطن والرياض هو فتح الجبهة الإيرانية وإعادة النظر في الاتفاقيات التي وقعت مع طهران في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، حيث عبر ترامب في العديد من المناسبات عن نيته في فتح الملف الإيراني مجددا وبشكل جدري.
وعن المخلفات السياسية والإقتصادية التي قد تنتج عن أقوى زلزال سياسي يضرب السعودية، استبعد الإعلامي أن تكون هذه الخطوة جاءت وليدة الصدفة واللحظة، مؤكدا أنه تم الاعداد لها بشكل دقيق مع وضع السلطة السعودية في حسبانها كافة السيناريوهات السياسية والاقتصادية الممكن وقوعها بعد اتخاذ قرار الاعتقال.
وشدد إبن مدينة ميدلت على أنه مادامت الولاياتالمتحدةالامريكية داعمة لمحمد بن سلمان، فالأوضاع بالنسبة لهذا الأخير لن تخرج عن السيطرة كيفما كانت تداعياتها ونتائجها، وأن تدبيرها متحكم فيه. يذكر أن السلطات السعودية اعتقلت عشرات الأمراء والوزراء ورجال الأعمال بقضايا فساد، ومن أبرز الموقوفين الملياردير السعودي الوليد بن طلال بالإضافة إلى ابني الملك الراحل عبدلله بن عبدالعزيز.
ويتعلق الأمر ب11 أميراً وأربعة وزراء وعشرات الوزراء السابقين ورجال أعمال مشهورين، في وقت متأخر من يوم السبت الماضي بقضايا فساد تشمل غسيل الأموال والرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ، وذلك بعدما أعلن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عن تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي حصل على سلطات واسعة على مدى العامين الماضيين.
ومنحت اللجنة الجديدة سلطات واسعة للتحقيق في القضايا وإصدار أوامر اعتقال وفرض قيود على السفر وتجميد الأصول.