قبل أعوام قليلة، كان يعيش قطاع الصحة نفس المشاكل التي يعاني منها قطاع التعليم، والتي تتجلى في ضعف الموارد البشرية والتجهيزات اللوجيستيكية وغياب المرافق الصحية في أغلب المناطق القروية، وأيضا هروب الكوادر الطبية إلى بلدان الخارج الذي خلق استنفارا كبيراً داخل الوزارة المعنية والحكومة والبرلمان. وكان أغلب متتبعي الشأن الإجتماعي يتحدث عن وقوع احتقان صحي داخل قطاع الصحة، بعدما توالت الأزمات والمشاكل التي عجزت الحكومات المتعاقبة عن فكها، قبل أن يتدخل الملك محمد السادس الذي وضع أوراشا إجتماعية تخص بالأساس قطاع الصحة، لتعزيز خدماته وتقوية صلابة البينات التحتية.
وبعد حدوث "الحراك" الإجتماعي لنساء ورجال التعليم الأولي، الذي وصل إلى أعلى نقطة من الاحتقان التعليمي، أعاد الحديث مجددا حول الصعوبات التي كان ومازال يواجهها القطاع، وأيضا أبرز التغيرات التي ستطرأ على المشهد الصحي بالمغرب.
تعليقا على هذا الموضوع، قال حبيب كروم، رئيس الجمعية المغربية لعلوم التمريض والتقنيات الصحية، إن "قطاع الصحة يختلف تماما عن قطاع التعليم، لأن أمر الخوصصة في قطاع الصحة محسوما فيه، بفعل تعليمات صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي دعا إلى إعادة تأهيل القطاع الصحي".
وأضاف حبيب كروم، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "وزارة الصحة تشهد تأهيل جدري سيغير جميع هياكلها التنظيمية، لأن المغرب سيعمل على تنزيل مشروع جهوية موسعة، حيث ستتمتع كل جهة بمستشفى جامعي وكلية الطب والأسنان والصيادلة، لمحاربة مشكل الفوارق المجالية والاجتماعية".
وتابع المتحدث عينه أنه في "الأسبوع الماضي كان هناك اجتماع حضره مختلف الفرقاء الاجتماعيين، وتم من خلاله التأكيد على عدم خوصصة القطاع"، مؤكدا على أن "الطبيب والممرض يعملان تحت رعاية الدولة، ويمكن للدولة المغربية أن توقع عقد عمل مع الأطباء الأجانب، لكن هذا لا يعني خوصصة القطاع".
وأشار رئيس الجمعية المغربية لعلوم التمريض والتقنيات الصحية إلى أن "وزارة الصحة خرجت من الوظيفة العمومية ودخلت في منظومة أخرى تسمى بالوظيفة العمومية الصحية، التي تقوم على أربع دعامات، وهي الحكامة الجيدة وتأهيل البنيات التحتية وأيضا إرتفاع الميزانية السنوية، مع تخصيص حوالي 17 مهني لكل 10 آلاف نسمة، وفي 2024 ستصبح 25 مهني وفي 2030 سيرتفع العدد إلى 45 مهني".
وزاد: "هذا يعني أن عدد مهنيي القطاع سينتقل من 68 إلى 90 ألفا وذلك عبر إتفاقية وقعها وزير الصحة والوزير المنتدب لوزارة الاقتصاد والمالية ووزير التعليم العالي، من أجل رفع الخصاص الذي يشوب قطاع الصحة".