"المهلة" الاضطرارية التي قدمتها الشغيلة الصحية للوزير الجديد، خالد آيت طالب، الذي "أبدى استعداده لمواصلة إصلاح المنظومة الصحية"، بدأت تنفد مع تزايد حدة "الغضب" في صفوف الأطباء والممرضين، الذين ينتظرون مقترحات جدية لإطلاق دينامية جديدة داخل القطاع. أولى إشارات "الغضب" التي أطلقتها الشغيلة الصحية في وجه وزير الصحة الجديد تمثلت في خروج مئات الممرضين من مختلف ربوع المملكة في مسيرة احتجاجية، نهاية الأسبوع الجاري، رافضين "الفراغ القانوني المتعمد والفشل في التسيير، حيث إن وزارة الصحة تقدم أطرها من الممرضين وتقنيي الصحة كأكباش فداء وتحملهم اعتلال المنظومة الصحية". ومثل الممرضين، يدخل أطبّاء القطاع العام مرحلة جديدة بعدما طووا نهائياً صفحة وزير الصّحة السّابق، أنس الدّكالي، الذي ساهمَ، في نظرهم، في تعْطيلِ مطالبِهم، مُقرّرين "الانفتاحَ على الوزير الجديد، خالد آيت طالب، الذي أبدى استعداده لمواصلة إصلاح المنظومة الصّحية". ورحّب الأطباء بتعيين الوزير الجديد، الذي جاء في إطار التّعديل الحكومي تحت إشراف الملك محمد السادس، مؤكّدين أنّهم "يأملون في دينامية جديدة داخل القطاع مع هذا التّعيين". وكان وزير الصّحة الجديد قد أكّد أن "الأوراش المفتوحة والظرفية الحالية تستدعيان انخراط كافة الأطراف لمواصلة السير على طريق الإصلاح"، مشيراً إلى أنّ "الوقت حان للمرور إلى الفعل والعمل في الميدان"، وأوضح أن "الإصلاح يتطلب أولا وقبل كل شيء ثقة المواطن". وقال الحبيب كروم، رئيس الجمعية المغربية لعلوم التمريض والتقنيات الصحية، إن "غضب مهنيي الصحة ليس وليد اليوم، وإنما هو غضب متواصل ومنتشر وسط الممرضين والأطباء على وجه الخصوص"، على اعتبار أن "هؤلاء يكونون في مواجهة مباشرة مع المواطنين الذين صاروا يطالبون بخدمات صحية أفضل في ظل انتشار مطالب شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى تحسين ظروف الاستشفاء في مدن المملكة"، يضيف كروم. وأشار النقابي ذاته إلى أن "الوزير الجديد سبق له أن ترأس المستشفى الجامعي بفاس، وهو منصب حساس يجمع كل التخصصات الطبية، وبالتالي يعرف مكامن الخلل التي تعيق إصلاح المنظومة الصحية في بلادنا"، موضحا أن "غضب الممرضين يرجع إلى عدم الاستجابة لمطالبهم، المتمثّلة في إخراج هيئة وطنية للممرضين، وإدماج جميع المعطلين لتجاوز الخصاص المطروح". وأقر كروم بأن قطاع الصحة "معقد"، وأن الوزارة المعنية "لا يمكنها وحدها أن تحل مشاكل تتداخل فيها قطاعات حكومية أخرى مثل وزارة الداخلية والاقتصاد والمالية؛ فمشكل الصحة أصبح شاملا، وبالتالي لا بد من تسطير استراتيجية حكومية واضحة من أجل النهوض بالقطاع". وأضاف رئيس الجمعية المغربية لعلوم التمريض والتقنيات الصحية أن "الأممالمتحدة تؤكد أن ميزانية وزارة الصحة يجب أن تصل سقف 12 بالمائة، بينما يشتكي الوزير من وجود خصاص هائل في صفوف الشغيلة الطبية والتمريضية".