تترقب الأطراف الإقليمية بمنطقة بحر المتوسط والمغرب الكبير، الاجتماع رفيع المستوى بين المغرب واسبانيا، والذي تم تحديد موعده من قبل وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس ونظيره المغربي ناصر بوريطة، في الأسبوع الأخير من شهر يناير أو الأسبوع الأول من فبراير المقبل. ويأتي هذا الاجتماع المرتقب بعد عودة الدفء في العلاقات بين البلدين، كما أن العديد من الملفات الاقتصادية والأمنية وكذا السياسية يترقب البلدان الحسم فيها، لعل أبرزها ملف ترسيم الحدود البحرية التي تجري تفاصيله بيد لجنة مشتركة بين البلدين. ويشكل الاجتماع المرتقب محطة حاسمة من أجل ترسيخ الشراكة الجديدة بين البلدين والتي أعلن عنها وزير الخارجية الإسباني ألباريس، الذي أكد أن اسبانيا تبدو مرتاحة للفصل الجديد مع المغرب والذي تطبعه الثقة والتعاون الثنائي. في هذا الصدد قال المحلل السياسي والمهتم بالشأن المغاربي، محمد سالم عبد الفتاح، إن الاجتماع الرفيع المستوى المرتقب سيكون فرصة لتفعيل خارطة الطريق التي جرى التوقيع عليها بين الجانبين، والتي تشمل كافه مجالات التعاون الأمنية والاقتصادية والثقافية وحتى السياسية. وأضاف عبد الفتاح في حديثه ل"الأيام 24″، أن "الضغوط الهائلة" و"الابتزاز" الذي تعرضت له مدريد عقب عودة علاقاتها مع الرباط من طرف خصوم المغرب وأعداء وحدته الترابية، لم تكبح الرغبة الإسبانية في تعزيز علاقاته مع المغرب الذي يعتبر شريكا "موثوقا"، وكذا باعتباره "البوابة الآمنة" للعبور نحو القارة الافريقية، نظرا لموقعه الاستراتيجي المتميز وأدواره الهامة في جواره الإقليمي، حسب تعبيره. وأورد المحلل السياسي والمهتم بالشأن المغاربي، أن المغرب يضطلع بأدوار هامة على المستوى الأمني، إذ ينخرط بشكل جدي في مكافحة ظواهر الإرهاب، والجريمة المنظمة والهجرة السرية، كما يتمتع بمناخ من الأمن والاستقرار يؤهله ليكون منصة استثمارية واعدة بحكم شراكاته الاستراتيجية التي أسس لها مع مختلف القوى الإقليمية الوازنة في عمقه الإفريقي، وهو ما يجعل المستثمرين الإسبان يضعون ثقتهم في بلد استراتيجي كالمغرب. وأردف المتحدث ذاته، أن مدريد باتت مؤهله لتعزيز علاقاتها الثنائية مع الرباط بعد تصحيح "موقفها من قضيه الصحراء" وانسجامها مع التطورات الميدانية والدبلوماسية التي يشهدها ملف النزاع والتي تصب في تكريس "سيادة المغرب" على أقاليمه الجنوبية.، وهو ما سينسجم بحسبه مع رغبة المستثمرين الإسبان في الدخول لسوق الأقاليم الجنوبية التي باتت "تسيل لعاب" الشركات العالمية. وأشار عبد الفتاح إلى أهمية الملف الأمني في أجندات الاجتماع المرتقب، إذ أكد على أن ما يعزز التقارب بين الجانبين هو تصاعد المخاطر الامنية المرتبطة بالأجندات الانفصالية، التي بحسبه يتم توظيفها من طرف "أعداء و خصوم البلدين"، إذ بات الجانبان منسجمان في تقييمهما للوضع الجيوسياسي المرتبط بالمنطقة، والذي تمثل فيه تقاطع أجندات الإرهاب والانفصال أكبر المخاطر المسجلة. وخلص المحلل السياسي أن ، اليوم تبدو مدريد اكثر العواصم الأوربية أهلية للعب ادوار الوساطة والمساعي الحميدة في ملف الصحراء، وذلك بحكم دورها التاريخي ك"مستعمر سابق للإقليم"، فضلا عن قربها الجغرافي وواقعية رؤيتها إزاء النزاع، المنسجمة مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي.