الأستاذ الذي اشتهرت قضيته ب "الجنس مقابل النقطة"، حسب طلبة في كلية العلوم بتطوان تحدثت إليهم "الأيام"، كان معروفا بعلاقاته مع الطالبات، والتمييز بينهن وبين زملائهن من الذكور، لكن لا أحد كان يستطيع التحدث أو تقديم شكاية به خوفا من الرسوب في المادة التي كان يدرسها هذا الأخير. مغامرات الأستاذ ابتدأت مع طالباته وكانت نهايتها على يد إحداهن، حيث قالت الطالبة المجهولة التي نشرت محادثات الأستاذ "بعد حصولي على الإجازة من الكلية المشؤومة بعد 4 سنوات من الدراسة، قررت كشف المستور، وفضح الأستاذ الجامعي بكلية العلوم بتطوان الذي يستغل الطالبات جنسيا في مكتبه بالكلية أو شقته السابقة بمرتيل قرب مطعم نرجس أو منزله بطنجة".
المحادثات عرفت انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية وكذا الصحف والجرائد، وهو ما أدى إلى توقيف الأستاذ من طرف رئاسة جامعة عبد المالك السعدي وفتح تحقيق في النازلة، ومن ثم استدعائه للتحقيق معه من طرف الشرطة القضائية بتطوان في بداية الأمر، إلا أنه بعد السماع للطالبات اللواتي كان يبتزهن، عرفت القضية منعطفا آخر، فبعدما اختفى الأستاذ عن الأنظار وقام بإغلاق هاتفه، تم إصدار مذكرة بحث في حق هذا الأخير، حيث أوضح بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أنه حسب المعلومات الأولية للبحث، فإن المشتبه فيه كان موضوع أمر قضائي يقضي بتوقيفه على خلفية الاشتباه في تورطه في ممارسة الضغط والابتزاز الجنسي على طالبات بالكلية، مقابل تمتيعهن بنقط تفضيلية.
وأضاف أنه تم الاستماع، إلى حدود الآن، إلى ثلاث طالبات ضحايا لهذه الممارسات الإجرامية، كما مكنت الإجراءات التقنية للبحث من حجز مجموعة من الرسائل النصية ذات الطبيعة الجنسية، والتي كان يتبادلها المشتبه فيه مع الضحايا بواسطة تقنيات التواصل الحديثة. وأشار البلاغ إلى أنه تم الاحتفاظ بالمشتبه فيه تحت الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك لتحديد جميع ظروف وملابسات هذه القضية.
الطلبة يحتجون
مباشرة بعد انتشار المحادثات وتناقلها في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، خرج المئات من طلبة كلية العلوم التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان في مسيرة احتجاجية، انطلقت من مقر الكلية مشيا على الأقدام إلى غاية وسط المدينة، وذلك احتجاجا على الأستاذ الذي تورط في علاقات جنسية مع عدد من الطالبات مقابل منحهن نقاطا جيدة في مادته.
الطلبة الذين استمروا في احتجاجاتهم منذ انفجار القضية دعوا إلى استرجاع الكرامة و استرداد سمعة الكلية التي تضررت بسبب هذه الفضيحة الأخلاقية، معتبرين أن الفضيحة الجنسية تهم الأستاذ وبعض الطالبات دون غيرهم، وأن لا علاقة لباقي الطلبة والطالبات لا من قريب ولا من بعيد بهذه "الفضيحة الأخلاقية".
تطورات تزيد من تورط الأستاذ
وضع أستاذ الرياضيات يزداد سوءا يوما بعد يوم، فبعد إجراء الفحوصات الطبية على إحدى الطالبات، بأمر من النيابة العامة، اتضح على إثرها أنها فقدت عذريتها خلال علاقتها الجنسية مع الأستاذ، لينضاف إلى تهمة الابتزاز واستغلال المنصب للقيام بأفعال غير أخلاقية هتك العرض.
على إثر هذه التطورات قررت النيابة العامة بذات المدينة بداية الأسبوع الجاري تمديد الحراسة النظرية في حق الأستاذ لمدة 24 ساعة أخرى، بعدما تم اعتقاله يوم الجمعة الماضي بعد محاولته الهرب والتخفي، وذلك من أجل تعميق البحث معه على خلفية اتهامه ب"هتك عرض أشخاص ممن له سلطة عليهم تحت الإكراه، واستغلال النفوذ والتحرش الجنسي".
إلى ذلك جرى الاستماع لخمس طالبات على خلفية هذا الملف الذي عرف صدى دوليا، حيث أقرت أربع طلبات بممارستهن الجنس مع المتهم مقابل نقط عالية في المادة التي يدرسها بكلية العلوم بتطوان، فيما أصرت الطالبة الخامسة على الإنكار.
الخوف من المصير ذاته
بعد الانتشار والبعد الذي اتخذته قضية "الجنس مقابل النقطة" والإجراءات التي تبعتها، أجمع مجموعة من الطلبة الذين تحدثت إليهم "الأيام" في كليات مختلفة في ربوع المملكة على أن الأساتذة الجامعيين أصبحوا أكثر صرامة وحزما في التعامل مع الطلبة، وعلى وجه الخصوص الطالبات.
وقالت إحدى الطالبات بكلية العلوم بالقنيطرة إن أحد الأساتذة بالكلية في شعبة البيولوجيا كان معروفا بتحرشه بالطالبات، فأصبح يتعامل بحذر معهن، وقلل الكلام والتواصل، مضيفة أن قضية أستاذ تطوان جعلت الأساتذة الذين استباحوا عرض الطالبات وألفوا ابتزازهن يتراجعون للوراء ويأخذون مسافة من الطلبة والطالبات، خوفا من أن تتكرر القصة نفسها ويتم فضحهم أمام الرأي العام.
طالب آخر يدرس في كلية الحقوق بالرباط، قال في حديثه ل"الأيام" إنه يجب فضح هذه الممارسات من قبل الطالبات حتى يتم القضاء نهائيا على مثل هذه الممارسات داخل الحرم الجامعي، وأضاف "نلاحظ خلال المحاضرات أن الأساتذة أصابهم الذعر، حتى المزاح العادي الذي كان بينهم وبين الطلبة لم يعد له وجود، خصوصا أولئك المعروفين بالتحرش في الكلية".
وأردف أن الطلبة وكذا الإدارة تكون على علم ببعض ممارسات الأساتذة، لكن الطالبات لا يستطعن فضحهم خوفا من الفضيحة ومن بطش الأستاذ إذا لم تؤخذ بعين الاعتبار شكايتهن، أما الإدارة فهي تتجاهل تحرش الأساتذة بالطالبات ولا تتفاعل مع شكاياتهن.
عميد الكلية يتوعد بأقصى العقوبات
بالرغم من البعد الذي اتخذته قضية أستاذ "الجنس مقابل النقطة"، والاحتجاجات التي عرفتها الكلية، لم يعقد مجلس الكلية اجتماعه الذي كان مقررا لتدارس القضية واتخاذ القرارات.
وحسب مصادر طلابية من الموقع الجامعي بتطوان، هناك أساتذة عرقلوا انعقاد اجتماع مجلس الكلية خوفا من فضح تورطهم في قضايا مشابهة لهذه التي يتابع فيها هذا الأخير.
منظمة التجديد الطلابي، في بيان لها إثر هذه القضية، أكدت أن عميد كلية العلوم بتطوان صرح بأنه في حالة إثبات الفضيحة على الأستاذ سيعمل على اقتراح أقصى العقوبات التي يخولها له القانون 00.01، والمتمثلة في طرد الأستاذ من الوظيفة العمومة.
كما أكد العميد، حسب المصدر ذاته، أن هناك إجماعا داخل الكلية من قبل كل مكونات الأساتذة والطلبة والإدارة على رفض هذا السلوك وتوقيع أقصى العقوبات على الأستاذ، مشيرا إلى أن الأستاذ متورط في ثلاث جرائم، وهي: التلاعب بالنقط، والابتزاز الجنسي، وتسريب أسرار المداولات.