مع استمرار موجة الغلاء وانعدام بارقة أمل تُوقف سهم الارتفاع الآخذ في الصعود منذ أشهر، حتى ما عادت معه قدرة المغاربة الشرائية تتحمل أكثر، أضحى الوضع يطرح تحديات كبيرة لاسيما في ظل تسجيل الميزان التجاري الوطني عجزا واضحا بالإضافة إلى تضرر ميزانية الدولة جراء تغطية تكاليف الارتفاع. هذا الظرف حوّل اهتمام الحكومة إلى البحث عن موارد مالية جديدة منها ما يرتبط بتحميل الشركات التي تحقق أرباحا كبيرة مسؤولية المساهمة في المجهود الذي تبذله الدولة لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية الذي يتطلب غلافا ماليا يقدر ب51 مليار درهم على مدى 5 سنوات. وكانت الحكومة قد واصلت العمل بالمساهمة الاجتماعية للتضامن المفروضة على بعض الشركات من أجل جني إيرادات لمواجهة تداعيات الأزمة الصحية، ما سيدفع رجال الأعمال المستهدفين بها إلى التأكيد على أن أسباب نزولها لم تعد قائمة، خاصة أن الشركات تواجه ارتفاع تكاليف الإنتاج بفعل الأزمة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.
القرار الحكومي باستخلاص ضريبة المساهمة من الشركات، ما يزال ينتظر الأجرأة والتفعيل، خاصة في ظل معارضة بعض رجال الأعمال الذين لا ينظرون بعين الرضى إلى هذا التوجه الذي عبّر عنه الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، حيث من المرتقب أن يتم الكشف عن تفاصيله شهر أكتوبر المقبل بالتزامن مع طرح مشروع قانون المالية لسنة 2023 للمصادقة بالبرلمان.
وقال رشيد الخالدي، الخبير الاقتصادي، إن المغرب عليه اتخاذ قرار حازم في مسألة دفع الشركات التي تجني أرباحا مهمة إلى التعاون والتضامن كمبدأ أساسي في علاقة الدولة بالمؤسسات إبان الأزمات، خاصة وأن الشركات تستفيد بشكل أو بآخر من الوضع الاقتصادي الراهن.
وتحدث الخبير الاقتصادي ل"الأيام 24″ عن ضرورة لجوء الدولة إلى العمل مرة أخرى بالمساهمة الاجتماعية التضامنية، معتبرا إياها مسألة مطلوبة في الظرفية الحالية التي ينتظر أن تؤثر على المالية العمومية.
وتوقع أنه باستثناء الضريبة على القيمة المضافة التي ينتظر أن ترتفع إيراداتها بالنظر لمستوى الأسعار في العام الحالي، فإن إيرادات الضريبة على الشركات والمهن الحرة ستتأثر بالظروف الحالية.
وذكر أن مجموعة من الدول ذات الميزانية المحدودة أو تلك التي لا تعتمد في موازنتها على النفط لجأت إلى خيار تحميل الشركات جزءا من الضريبة لتحقيق نوع من التوازن، وتجنب شبح العودة إلى القروض الدولية التي تضرب السيادة للدولة وتتحكم في استراتيجيتها.
وإذا كانت الحكومة تؤكد على هدف التضامن عبر فرض تلك المساهمة الإضافية، فإن البيانات تشير إلى أن 99 في المائة من الشركات غير معنية بها، على اعتبار أنها تصرح بتحقيق عجز أو أرباح تقل عن المستوى الذي يستوجب أداء المساهمة التضامنية.